للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالأول: كلامهم في النية هل هي شرط في طهارة الأحداث، وهل تشترط نية التعيين والتبييت في الصيام، وإذا نوى بطهارته ما يستحب لها هل تجزيه عن الواجب، أو أنه لا بد في الصلاة من نية التعيين ونحو ذلك.

والثاني: كالتمييز بين إخلاص العمل لله، وبين أهل الرياء والسمعة، كما سألوا النبي -صلى الله عليه وسلم-ص عن الرجل يقاتل شجاعة، وحمية، ورياء، فأي ذلك في سبيل الله؟ فقال: "من قماتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله" (١).

وهذا الحديث يدخل فيه سائر الأعمال، وهذه النية تميز بين من يريد الله بعمله والدار الآخرة، وبين من يريد الدنيا؛ مالًا، وجاهًا، ومدحًا، وثناء، وتعظيمًا، وغير ذلك، والحديث دل على هذه النية بالقصد -وإن كان قد يقال: إن عمومه يتناول النوعين- فإنه فرق بين من يريد الله ورسوله، وبين من يريد دنيا أو امرأة، ففرق بين معمول له ومعمول له، ولم يفرق بين عمل وعمل" (٢).

ويقول الإمام ابن القيم مبينًا الفرق بين النيّتين: "ويفرق بين النية المتعلقة بالمعبود، التي هي من لوازم الإسلام، وموجباته، بل هي روحه، وحقيقته التي لا يقبل الله من عامل عملًا بدونها البتة، وبين النية المتعلقة بنفس العمل، التي وقع فيها النزاع في بعض المواضع، ثم يعرف ارتباطها بالعمل، وكيف قصد به تمييز العبادة عن العادة، إذ كانا في الصورة واحدًا، وإنما يتميزان بالنية، فإذا عدمت النية كان العمل


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا (٣/ ١٠٣٤)، برقم (٢٦٥٥)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإمارة، باب: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا (٣/ ١٥١٣)، برقم (١٩٠٤)، من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-.
(٢) مجموع الفتاوى (١٨/ ٢٥٦ - ٢٥٧).