للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا تكون الإرادة إلا عن نية، وقد نهى الله تبارك وتعالى عن إضاعة شيء من ذلك، وأي عمل أكبر من الإرادة والنية، وقد وجدنا الإنسان لا يخلو من حركة أو سكون، والحركة والسكون جميعها عمل" (١).

ويقول الإمام ابن تيمية: "ولما كان العمل لا بد فيه من شيئين: النية والحركة، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أصدق الأسماء حارث وهمام" فكل أحد حارث وهمام له عمل ونية" لكن النية المحمودة التي يتقبلها الله ويثيب عليها: أن يراد الله بذلك العمل، والعمل المحمود: الصالح؛ وهو المأمور به، ولهذا كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول في دعائه: "اللَّهُمَّ اجعل عملي كله صالحًا، واجعله لوجهك خالصًا، ولا تجعل لأحد فيه شيئًا" (٢) " (٣).

والمقصود: أن جميع أعمال العبد وحركاته لا بد لها من غاية هي نهاية مقصوده وإلا لما تحرك، ولما كان فاعلًا، ولا تكون هذه الحركات نافعة إلا أن يكون مقصوده وغاية مطلبه هو الله تبارك وتعالى، بأن يكون هو معبوده، ومقصوده، ومحبوبه، وإلا كانت فاسدة غير نافعة، كما أن ما كان لغيره لا يدوم ولا يستمر، فالعبد مفتقر إلى ربه في وجوده، وكماله، فكما لا وجود له إلا بالله، فكذلك لا كمال له، ولا نفع لأعماله وحركاته إلا بأن تكون لله، فهو مفتقر إلى الله لذاته في الأسباب والغايات (٤).


(١) المدخل، لابن الحاج (٣/ ١٤).
(٢) أخرجه أحمد في الزهد (ص ١١٨)، عن الحسن، وذكره الهندي في كنز العمال (٢/ ٢٨٦)، برقم (٥٠٤١)، ورواه أبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان (٤/ ٢٦١)، وفيه زيادة، ولفظه: (اللَّهُمَّ اجعل عملي كله صالحًا، واجعله لك خالصًا، ولا تجعل لغيرك منه شيئًا، اللَّهُمَّ إني أعوذ بك من ظلم خلقك إياي، وأسألك العافية من ظلمي إياهم).
(٣) مجموع الفتاوى (٢٨/ ١٣٥)، وانظر: (١٠/ ٦٣).
(٤) انظر: الفوائد لابن القيم (ص ١٨٤).