للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المقتول؟ قال: إنه كان حريصًا على قتل صاحبه" (١) " (٢).

ويقول الشيخ السعدي: "لأن النية الجازمة إذا اقترن بها مقدورها، من القول، أو الفعل ينزل صاحبها منزلة الفاعل" (٣).

الفائدة الخامسة: القاعدة فيها الرد على طائفة من أهل الإرجاء الذين يقولون: بأن الإيمان هو قول باللسان فقط، ولا عبرة بالقلب، ولا بأعمال الجوارح، والقاعدة أفادت بأن صلاح جميع الأعمال والحركات بصلاح النيات، والنيات من أعمال القلوب، فلا فائدة من قول وإقرار باللسان لا ينبني على اعتقاد القلب وعمله، فالأصل كما علمنا من قبل هو القلب في جميع حركات الإنسان وأعماله، فهو كالملك، والجوارح جنوده.

ولذا بوَّب (٤) الإمام البخاري في "صحيحه"، في كتاب الإيمان: باب: ما جاءَ أنّ الأعْمَال بالنِّيَّةِ والحِسْبَةِ، ولِكُلِّ امرِئ ما نَوَى، فَدَخَلَ فيهِ الإيمانُ والوضُوء والصَّلاةُ والزَّكاةُ والحَجُّ والصَّوْم والأحْكامُ، وقال الله تعالى: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} [الإسراء: ٨٤] على نيَّتِهِ، قال النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "وَلَكِنْ جهادٌ ونِيَّةٌ".

وذكر أهل العلم أن قصد الإمام البخاري هو الرد على طائفة المرجئة القائلين بأن الإيمان هو مجرد قول اللسان، فبيَّن لهم أن النية من عمل القلب، وهي مشترطة في صحة جميع الأعمال.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب: قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} (١/ ٢٠)، برقم (٣١)، ومسلم في صحيحه، كتاب الفتن وشرائط الساعة، باب: إذا تواجه المسلمان بسيفيهما (٤/ ٢٢١٣)، برقم (٢٨٨٨).
(٢) طريق الهجرتين (ص ٥٣٢).
(٣) تفسير السعدي (ص ١٩٥).
(٤) صحيح البخاري (١/ ٢٩).