للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منها نوع صحح الباقي وأثبته، وهكذا إذا حصل ضعف في نوع دلَّ على أن هناك ضعفًا في النوعين الآخرين ولا بد.

يبيّن الإمام ابن القيم استلزام أنواع التوحيد بعضها لبعض: "فعلم أن اسمه (الله) مستلزم لجميع معاني الأسماء الحسنى، دال عليها بالإجمال، والأسماء الحسنى تفصيل وتبيين لصفات الإلهية التي اشتق منها اسم الله، واسم الله دال على كونه مألوهًا معبودًا تألهه الخلائق؛ محبة، وتعظيمًا، وخضوعًا، وفزعًا إليه في الحوائج والنوائب، وذلك مستلزم لكمال ربوبيته، ورحمته، المتضمنين لكمال الملك، والحمد.

وإلهيته، وربوبيته ورحمانيته وملكه مستلزم لجميع صفات كماله، إذ يستحيل ثبوت ذلك لمن ليس بحي، ولا سميع، ولا بصير، ولا قادر، ولا متكلم، ولا فعال لما يريد، ولا حكيم في أفعاله" (١).

وهكذا من نفى صفات الرب تبارك وتعالى وعطلها وأشرك فيها فإن ذلك يستلزم إشراكه في ربوبية الله تعالى، ونفي ذاته، يقول الإمام ابن تيمية: "وفي خصوم إبراهيم ومحمد -صلى الله عليه وسلم- معطلة ومشركة، لكن التعطيل المحض للذات قليل، وأما الكثير فهو تعطيل صفات الكمال، وهو مستلزم لتعطيل الذات، فإنهم يصفون واجب الوجود بما يوجب أن يكون ممتنع الوجود" (٢).

ويقول أيضًا مبينًا ارتباط الشرك في التوحيد العلمي بالشرك في التوحيد العملي: "لكن المقصود هنا هو التوحيد العملي، وهو إخلاص الدين لله، وإن كان أحد النوعين مرتبطًا بالآخر، فلا يوجد أحد من أهل التعطيل الجهمية وأهل التمثيل المشبهة إلا وفيه نوع من الشرك العملي، إذ أصل قولهم فيه شرك وتسوية بين الله وبين خلقه، أو بينه وبين المعدومات في الصفات السلبية التي لا تستلزم مدحًا ولا ثبوت كمال، أو يسوون بينه وبين


(١) مدارج السالكين (١/ ٣٢ - ٣٣).
(٢) منهاج السُّنَّة النبوية (٣/ ٢٩٢).