للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الناقص من الموجودات في صفات النقص، وكما يسوون إذا أثبتوا هم ومن ضاهاهم من الممثلة بينه وبين المخلوقات في حقائقها، حتى قد يعبدونها فيعدلون بربهم ويجعلون له أندادًا، ويسوون المخلوقات برب العالمين" (١).

ويقول الإمام ابن القيم مبينًا علاقة التلازم بين الإلحاد في الأسماء والصفات وبين الشرك الأكبر المخرج عن الملة سواء كان في الربوبية أم في الألوهية: "إن التوحيد الذي دعا إليه هؤلاء الملاحدة وذكروا أنه التوحيد الحق هو من أعظم الإلحاد في أسماء الرب وصفاته وأفعاله، وهو حقيقة الكفر به، وتعطيل العالم عن صانعه، وتعطيل الصانع الذي أثبتوه عن صفات كماله، فشرك عباد الأصنام، والأوثان، والكواكب، والشمس، والقمر، خير من توحيد هؤلاء بكثير، فإنه شرك في الإلهية مع إثبات صانع العالم، وصفاته، وأفعاله، وقدرته، ومشيئته، وعلمه بالكليات والجزئيات، وتوحيد هؤلاء تعطيل الربوبية، والإلهية، وسائر صفاته، وهذا التوحيد ملازم لأعظم أنواع الشرك ولهذا كلما كان الرجل أعظم تعطيلًا كان أعظم شركًا ولا تجد معطلًا نافيًا إلا وفيه من الشرك بقدر ما فيه من التعطيل" (٢).

ولذا صرح -رحمه الله- في نونيته بتلازم الشرك والتعطيل فقال:

"واعلم بأن الشرك والتعطيل مذ كانا هما لا شك مصطحبان أبدًا فكل معطل هو مشرك حتمًا وهذا واضح التبيان" (٣).

ولذا يبين الإمام ابن تيمية تلازم التعطيل لأسماء الله وصفاته مع الشرك في الربوبية فيقول: "وهذان المحذوران التعطيل والإشراك في الربوبية لازمان لكل من أثبت فاعلًا مستقلًّا غير الله؛ كالفلاسفة الذين


(١) مجمع الفتاوى (١٠/ ٥٤ - ٥٥).
(٢) الصواعق المرسلة (٣/ ١١١١).
(٣) انظر: توضيح المقاصد وتصحيح القواعد في شرح قصيدة الإمام ابن القيم، تأليف: أحمد بن إبراهيم بن عيسى (٢/ ٤٤٨).