للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: "قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦)} [يوسف: ١٠٦]، قال ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وعامر الشعبي، وأكثر المفسرين (١): إن معنى هذه الآية أن أكثر الناس وهم الكفار ما كانوا يؤمنون بالله بتوحيدهم له في ربوبيته، إلا وهم مشركون به غيره في عبادته.

فالمراد بإيمانهم: اعترافهم بأنه ربهم الذي هو خالقهم، ومدبر شؤونهم، والمراد بشركهم: عبادتهم غيره معه، والآيات الدالة على هذا المعنى كثيرة جدًا" (٢).

ثانيًا: أن الله تعالى حجَّ المشركين بإقرارهم بتوحيد الربوبية، وألزمهم بتوحيد الألوهية، فلو لم يكونوا مقرين به لما كان للاحتجاج معنى؛ فإن توحيد الربوبية هو الأصل الذي ينبني عليه توحيد العبادة، ولكانت مجرد دعوى:

يقول الشيخ المعلمي: "فإن كل آية ذكر الله تعالى بها نفسه بأنه الخالق أو الرازق، أو غير ذلك من نعوت الكمال، وكان مساق الكلام على إقامة الحجة على المشركين، فهي من هذا القبيل، إذ لو لم يكن المشركون يقرون بأن الله عَزَّ وَجَلَّ هو وحده فالق الإصباح وجاعل الليل سكنًا إلخ، لكان ذكر ذلك دعوى فقط لا تكون حجة عليهم في إبطال شركهم، والحكيم لا يحتج بما هو دعوى مجردة، ومن هذا القبيل (الفاتحة) فلولا أن المشركين يعترفون بأن الله عَزَّ وَجَلَّ رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين لما كان في ذلك حجة عليهم يثبت بها ما تضمنه قوله: {إيَّاكَ


(١) انظر: قول الحسن ومجاهد وعامر الشعبي وغيرهم: تفسير الطبري (١٣/ ٧٧ - ٧٨)، وقول عكرمة في: صحيح البخاري (٦/ ٢٧٣٤)، وقول عطاء في: سنن سعيد بن منصور (٥/ ٤١١)، برقم (١١٤٦)، وصحح الحافظ ابن حجر أثري مجاهد وعطاء. انظر: الفتح (١٣/ ٤٩٤).
(٢) أضواء البيان (٣/ ٢١٨).