للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول -الإمامِ المجدد- الشيخ محمد بن عبد الوهاب في قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)}: "فذكر في أول هذه السورة التي هي أول المصحف الألوهية والربوبية والملك، كما ذكره في آخر سورة في المصحف: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١) مَلِكِ النَّاسِ (٢) إِلَهِ النَّاسِ (٣)} " (١).

والآيات التي اقترن فيها لفظ الرب بالإله كثيرة جدًا لمن تأمل كتاب الله تعالى، وكلها قاطعة بالفرق في المعنى بين الرب والإله وإلا صار تكرارًا مخلًا بأسلوب الكلام وبلاغته يتنزه عنه كلام الله تعالى.

٣ - ومما يدل على التفريق في المعنى بين (الرب) و (الإله): أن كلمة التوحيد، وهي قول: لا إله إلا الله هي كلمة الإسلام التي يدخل بها الكافر في الإسلام، وأنه لا يقبل إسلام من قال: لا رب إلا الله، أو لا خالق إلا الله، أو لا موجود إلا الله وخاصة مع وجود الاشتباه في إسلامه؛ إذ ليس في هذه الكلمات تفريق بين الإسلام والكفر، ولو كان مدلول معنى كلمة (الرب) هو نفسه مدلول كلمة (الإله) لصح إسلام الشخص بها وبدون أن يتلفظ بكلمة التوحيد: لا إله إلا الله.

ولذا جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من رواية عبد الله بن -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله" (٢).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "ففاتحة دعوة الرسل: الأمر


(١) تفسير آيات من القرآن الكريم (ص ١١).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب: فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم (١/ ١٧)، برقم (٢٥)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب: الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله (١/ ٥٣)، برقم (٢٢).