للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما ما ذكره أهل العلم من علاقة الاقتران والافتراق بين الربوبية والألوهية بأنهما إذا اقترنا افترقا وإذا افترقا اجتمعا فإنما أخذوا ذلك من دلالة النصوص الشرعية، إذ قد وردت نصوص ذكر فيها اسم الرب متضمنًا معنى الربوبية والألوهية ولا يصح حمله على الربوبية فقط دون الألوهية، وقد تطلق الربوبية في بعض النصوص ويراد بها الألوهية، ولكن تدخل فيها الربوبية من باب التضمن، وقد تطلق الربوبية وتدخل فيها الألوهية من باب الاستلزام، ولذا جمع أهل العلم بين هذه النصوص بتطبيق قاعدة (الاقتران والافتراق) بين كلمة (الرب) و (الإله) ومن ذلك:

١ - قوله تعالى: {وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (٨٠)} [آل عمران: ٨٠].

فكلمة الأرباب جمع رب ومعناها: الإله والمعبود؛ لأن الآية قيل نزلت في اليهود والنصارى، وهم لم يدعوا أن الملائكة والنبيين خالقين لهم ولا خالقين للعالم، وقيل: نزلت في وفد نجران عندما قالوا للنبي -صلى الله عليه وسلم-: (أتريد أن نعبدك) (١)، فهذا يدل على أن كلمة الأرباب المقصود منها أنهم اتخذوهم آلهة ومعبودين صرفوا لهم العبادة، أو أنهم صرفوا لهم الطاعة في الحلال والحرام وكلاهما عبادة لله تبارك وتعالى.

يقول الإمام الطبري: "لأن الآية نزلت في سبب القوم (٢) الذين قالوا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أتريد أن نعبدك)، فأخبرهم الله جلَّ ثناؤه أنه ليس لنبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يدعو الناس إلى عبادة نفسه، ولا إلى اتخاذ الملائكة والنبيين


(١) أخرجه الإمام الطبري في تفسيره (٣/ ٣٢٥)، وابن كثير في التفسير (١/ ٣٧٨)، وعلق عليه العلامة أحمد شاكر في تفسير الطبري ولم يتكلم على سنده صحة وضعفًا.
انظر: تفسير الطبري (٦/ ٥٣٩) برقم (٧٢٩٦) بتحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر.
(٢) علق الشيخ محمود محمد شاكر على هذا الموضع بقوله: "في المطبوعة: "في سبب القوم ... "، وهو باطل المعنى، ولم يحسن قراءة المخطوطة؛ لأنها غير منقوطة؛ يعني: بقوله: "في سب القوم ... ": من جراء القوم وبسبب قولهم ما قالوا". [تفسير الطبري بتحقيق شاكر (٦/ ٥٤٨)].