للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أربابًا، ولكن الذي له أن يدعوهم إلى أن يكونوا ربانيين ... فتأويل الآية إذًا: وما كان للنبي أن يأمر الناس أن يتخذوا الملائكة والنبيين أربابًا؛ يعني بذلك: آلهة يعبدون من دون الله، كما ليس له أن يقول لهم: كونوا عبادًا لي من دون الله" (١).

ويقول الإمام السمعاني: "ولا يأمركم ذلك البشر أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابًا؛ فالنصارى هم الذين اتخذوا النبيين أربابًا، والصابئون هم الذين اتخذوا الملائكة أربابًا" (٢).

ومن المعلوم أن النصارى تؤمن بربوبية الله تعالى وكونه رب العالمين، وخالقهم لكنهم يشركون بالله تعالى بعبادة الأحبار، وقولهم في عيسى عليه السلام أنه ابن الله.

يقول الإمام ابن تيمية في قوله تعالى: {وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (٨٠)} [آل عمران: ٨٠]: "فبيَّن أن اتخاذ الملائكة والنبيين أربابًا كفر، ومعلوم أن أحدًا من الخلق لم يزعم: أن الأنبياء والأحبار والرهبان والمسيح ابن مريم شاركوا الله في خلق السماوات والأرض، بل ولا زعم أحد من الناس: أن العالم له صانعان متكافئان في الصفات والأفعال، بل ولا أثبت أحد من بني آدم إلهًا مساويًا لله في جميع صفاته.

بل عامة المشركين بالله: مقرون بأنه ليس شريكه مثله، بل عامتهم يقرون أن الشريك مملوك له؛ سواء كان ملكًا أو نبيًا أو كوكبًا أو صنمًا كما كان مشركوا العرب يقولون في تلبيتهم: (لبيك لا شريك لك، إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك) فأهلَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالتوحيد وقال: "لبيك اللَّهُمَّ لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك".


(١) تفسير الطبري (٣/ ٣٢٩).
(٢) تفسير السمعاني (١/ ٣٣٦).