للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ذكر أرباب المقالات: ما جمعوا من مقالات الأولين والآخرين، في الملل والنحل، والآراء والديانات، فلم ينقلوا عن أحد إثبات شريك مشارك له في خلق جميع المخلوقات، ولا مماثل له في جميع الصفات" (١).

فدل ذلك على أن اتخاذهم كان للعبادة وليس لاعتقاد الربوبية في الملائكة أو الأنبياء.

ويقول ابن كثير في الآية: "أي: ولا يأمركم بعبادة أحد غير الله، لا نبي مرسل، ولا ملك مقرب، {أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (٨٠)}: أي: لا يفعل ذلك إلا من دعا إلى عبادة غير الله، ومن دعا إلى عبادة غير الله فقد دعا إلى الكفر، والأنبياء إنما يأمرون بالإيمان وهو عبادة الله وحده لا شريك له" (٢).

ويقول الألوسي: "والمعنى: ما كان لبشر أن يؤتيه الله تعالى ذلك، ويرسله للدعوة إلى اختصاصه بالعبادة، وترك الأنداد، ثم يأمر الناس بأن يكونوا عبادًا له" (٣).

ويقول -الإمام المجدد- الشيخ محمد بن عبد الوهاب: "كما قال للصحابة: {وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (٨٠)} [آل عمران: ٨٠]، فتأمل هذه الآية، واعرف ما ذكرت لك في الربوبية (٤): أنها التي نسبت إلى تاج ومحمد بن شمسان، فإذا كان الصحابة لو يفعلونها مع الرسل كفروا بعد إسلامهم، فكيف بمن فعلها في تاج وأمثاله" (٥).


(١) مجموع الفتاوى (٣/ ٩٦).
(٢) تفسير ابن كثير (١/ ٣٧٨).
(٣) روح المعاني (٣/ ٢٠٨).
(٤) أي: أنها العبادة أو صرف شيء من العبادة لهؤلاء.
(٥) تفسير آيات من القرآن الكريم (ص ١٦).