للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول أيضًا: "فلهذا كانت السعادة متضمنة لهذين الأصلين: الإسلام والإيمان، عبادة الله وحده وتصديق رسله، وهو تحقيق شهادة أن لا إله إلا اللّه، وأن محمدًا رسول اللّه" (١).

ويقول ابن القيم: "وعنها -أي: عن لا إله إلا اللّه- يسأل الأولون والآخرون، فلا تزول قدما العبد بين يدي الله حتى يسأل عن مسألتين: ماذا كنتم تعبدون، وماذا أجبتم المرسلين، فجواب الأولى: بتحقيق لا إله إلا اللّه؛ معرفة، وإقرارًا، وعملًا، وجواب الثانية: بتحقيق أن محمدًا رسول اللّه، معرفة، وإقرارًا، وانقيادًا، وطاعة" (٢).

ثالثًا: تحقيق الشهادتين قولًا وعملًا واعتقادًا لا يحصل بدون العلم بهما، وفهم ما دلتا عليه من النفي والإثبات، إذ النطق بالشهادتين، والعمل بما تضمنتاه لا يوجد، بل لا يتصور من جاهل لمعنى هاتين الشهادتين، ولذا كان العلم بهما من أول ما يجب على المكلف من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وكما سبنق فإنه يستحيل تحقيقهما بدون العلم ومعرفة ما دلتا عليه من العلم والعمل.

قال اللّه تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (١٩)} [محمد: ١٩]، وقال سبحانه: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (٥٢} [إبراهيم: ٥٢]، وقال عز وجل: {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٨٦)} [الزخرف: ٨٦] (٣)، وقال تعالى:


= العالية أخرجه الطبري بسنده: "عن الربيع عن أبي العالية {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٣)} قال: يسأل العباد كلهم عن خلتين يوم القيامة. عما كانوا يعبدون، وعما أجابوا المرسلين". [تفسير الطبري (١٤/ ٦٧)].
(١) النبوات (ص ٩١).
(٢) زاد المعاد (١/ ٣٤).
(٣) قال الرازي في تفسيرها: "ومعنى من شهد بالحق: من شهد أنه لا إله إلا الله، ثم قال تعالى: {وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٨٦)}، وهذا القيد يدل على أن الشهادة باللسان فقط =