للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعمل لقول الله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} فبدأ بالعلم" (١).

قال ابن المنير في توجيه تبويب البخاري: "أراد به أن العلم شرط في صحة القول والعمل، فلا يعتبران إلا به، فهو متقدم عليهما؛ لأنه مصحح للنية المصححة للعمل، فنبه المصنف على ذلك حتى لا يسبق إلى الذهن من قولهم: (إن العلم لا ينفع إلا بالعمل) تهوين أمر العلم والتساهل في طلبه" (٢).

يقول قوام السُّنَّة الإمام الأصبهاني (٣): "قال بعض العلماء: أول فرض فرضه الله على خلقه: معرفته، فإذا عرفه الناس عبدوه، قال الله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: ١٩] " (٤).

وقال الغزالي (٥) فيما يجب على المكلف: "فأول واجب عليه:


(١) صحيح البخاري (١/ ٣٧)، وقيل: في المعنى المقصود من الآية وهو أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالعلم مع أنه من أعلم الخلق بلا إله إلا اللّه؛ فقيل: المراد الثبات على العلم لا ابتداء العلم؛ أي: فأثبت عليها، وقال بعضهم الخطاب للنبي -صلى الله عليه وسلم- والمراد غيره، ومثل هذا كثير، وقال الحسين بن الفضل: فازدد علمًا على علمك، وقال عبد العزيز بن يحيى الكناني: هو أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يضجر ويضيق صدره من طعن الكافرين والمنافقين فيه، فأنزل الله هذه الآية: يعني: فاعلم إنّه لا كاشف يكشف ما بك إلّا اللّه، فلا تعلق قلبك على أحد سواه. وقيل: غير ذلك. [انظر: تفسير السمعاني (٥/ ١٧٧)، وتفسير الثعلبي (٩/ ٣٤)].
(٢) فتح الباري (١/ ١٦٠).
(٣) هو: الإمام العلامة الحافظ شيخ الإسلام أبو القاسم إسماعيل القرشي التميمي ثم الطلحي الأصبهاني الملقب بقوام السُّنَّة، قال الحافظ يحيى بن منده: (كان أبو القاسم حسن الاعتقاد جميل الطريقة قليل الكلام ليس في وقته مثله) له مؤلفات منها: "الترغيب والترهيب"، و"الحجة في بيان المحجة" توفي سنة خمس وثلاثين وخمسمائة [انظر: سير أعلام النبلاء (٢٠/ ٨٠)].
(٤) الحجة في بيان الحجة (١/ ١٢٢).
(٥) هو: محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الغزالي أبو حامد الملقب بحجة الإسلام، الفقيه الشافعي الأصولي صنف كثيرًا من الكتب منها: "إحياء علوم الدين"، و"الوسيط"، و"الوجيز في الفقه"، و"المستصفى"، و"المنخول"، و"شفاء الغليل في الأصول"، توفي سنة ٥٠٥ هـ. [انظر ترجمته في: طبقات الشافعية للسبكي: =