للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعلم كلمتي الشهادة وفهم معناهما، وهو قول لا إله إلا اللّه، محمد رسول اللّه" (١).

ويقول الشيخ الإمام سليمان بن عبد الله آل الشيخ في معنى قوله عليه السلام: "من شهد أنه لا إله إلا اللّه": "أي: من تكلم بهذه الكلمة عارفًا لمعناها، عاملًا بمقتضاها، باطنًا وظاهرًا كما دل عليه قوله: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}، وقوله: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٨٦)} [الزخرف: ٨٦]، أما النطق بها من غير معرفة لمعناها، ولا عمل بمقتضاها فإن ذلك غير نافع بالإجماع، وفي الحديث ما يدل على هذا وهو قوله: (من شهد)؛ إذ كيف يشهد وهو لا يعلم (٢)، ومجرد النطق بشيء لا يسمى شهادة به" (٣).

ويقول الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ: "وكل من عقل عن الله يعلم علمًا ضروريًا: أن المقصود من الشهادتين ما دلَّتا عليه من الحقيقة والمعنى، وما اشتملتا عليه من العلم والعمل، وأما مجرد اللفظ من غير علم بمعناهما، ولا اعتقاد لحقيقتهما فهذا لا يفيد العبد شيئًا، ولا يخلِّصه من شعب الشرك وفروعه ...

فالإيمان بمعناهما، والانقياد له لا يتصور ولا يتحقق إلا بعد العلم، والحكم على الشيء فرع عن تصوره؛ فإذا لم يعلم، ولم يتصور فهو كالهاذي، وكالنائم، وأمثالهما ممن لا يعقل ما يقول، بل لو حصل


= (٤/ ١٠١)، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة: (١/ ٢٩٣)].
(١) إحياء علوم الدين (١/ ١٤).
(٢) روى الإمام الخلال في كتاب السُّنَّة: عن أبي بكر بن حماد المقري أنه سأل أبا عبد الله في هذه المسألة -أي: الشهادة للعشرة بالجنة- قال: تفرق بين العلم وبين الشهادة؟ قال: لا؛ إذا قلت أعلم فأنا أشهد، قال الله: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٨٦)}، وقال: {وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا} [يوسف: ٨١] إسناده صحيح. [السُّنَة للخلال (٢/ ٣٥٦)، رقم (٤٧٨)].
(٣) تيسير العزيز الحميد (ص ٥٦).