للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له العلم، وفاته الصدق لم يكن شاهدًا، بل هو كاذب، وإن أتى بهما صورة" (١).

رابعًا: دلت القاعدة على أن تحقيق الشهادتين لا بد أن يكون بالقول والعمل والاعتقاد، فلا بد من التصديق والمعرفة، ثم النطق مع الإقرار، والانقياد والالتزام والقبول للطاعات ظاهرًا وباطنًا.

يقول الإمام ابن القيم في قصة الكاهن الذي أقرَّ للنبي -صلى الله عليه وسلم- بالنبوة: "وفيها أن إقرار الكاهن الكتابي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأنه نبي لا يدخله في الإسلام ما لم يلتزم طاعته ومتابعته، فإذا تمسك بدينه بعد هذا الإقرار لا يكون ردة منه، ونظير هذا قول الحبرين له وقد سألاه عن ثلاث مسائل، فلما أجابهما قالا: نشهد أنك نبي، قال: فما يمنعكما من اتباعي؟ قالا نخاف أن تقتلنا اليهود، ولم يلزمهما بذلك الإسلام، ونظير ذلك شهادة عمه أبي طالب له بأنه صادق هو، وأن دينه من خير أديان البرية دينًا، ولم تدخله هذه الشهادة في الإسلام.

ومن تأمل ما في السير والأخبار الثابتة من شهادة كثير من أهل الكتاب، والمشركين له -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة، وأنه صادق فلم تدخلهم هذه الشهادة في الإسلام علم أن الإسلام أمر وراء ذلك، وأنه ليس هو المعرفة فقط، ولا المعرفة والإقرار فقط، بل المعرفة، والإقرار، والانفياد، والتزام طاعته ودينه ظاهرًا وباطنًا" (٢).

وقال الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ: "فاعلم أن العلماء أجمعوا على أن من صرف شيئًا من نوعي الدعاء لغير الله فهو مشرك ولو قال لا إله إلا الله محمد رسول اللّه وصلى وصام إذ شرط الإسلام مع التلفظ بالشهادتين أن لا يعبد إلا الله فمن أتى بالشهادتين وعبد غير الله


(١) مصباح الظلال للشيخ عبد اللطيف آل الشيخ (ص ١٦١).
(٢) زاد المعاد في هدي خير العباد (٣/ ٦٣٨ - ٦٣٩).