للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الظلم، فلا يستحق العبادة سواه، كما لا تصلح الإلهية لغيره، فتضمنت نفي الإلهية عما سواه، وإثباتها له وحده لا شريك له، وذلك يستلزم الأمر باتخاذه إلهًا وحده، والنهي عن اتخاذ غيره معه إلهًا، وهذا يفهمه المخاطب من هذا النفي والإثبات، كما إذا رأيت رجلًا يستفتي أو يستشهد من ليس أَهْلًا لذلك، ويدع من هو أَهْلٌ له، فتقول: هذا ليس بمفتٍ، ولا شاهدٍ، المفتي فلان، والشاهد فلان؛ فإن هذا أمر منه ونهي" (١).

ثالثًا: لا بد من اعتقاد النفي والإثبات الذي دلت عليه كلمة التوحيد، وإلا فمجرد النطق بها باللسان لا يعتد به، ولا يكون المتلفظ بها داخلًا في الإسلام إذا لم يعتقد ويعلم ويتيقن بما دلت عليه من النفي والإثبات، فمن لم يعتقد ذلك ويوقن به فلا اعتبار لقوله، وإن نطق بها ليله ونهاره، فإن مدار نفع هذه الكلمة بعد النطق بها على معرفة معناها، واعتقاد ما دلت عليه من نفي الإلهية عن غيره سبحانه، واثباتها له عز وجل خالصة دون ما سواه.

يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن في شرحه لكلام جدّه - الإمام المجدد- الشيخ محمد بن عبد الوهاب- رحمها اللّه: "وقوله رَحمه الله: (ومنهم من لم يعرف الشرك، ولم ينكره) قلت: من لم يعرف الشرك، ولم ينكره لم ينفه؛ ولا يكون موحدًا إلا من نفى الشرك، وتبرأ منه، وممن فعله، وكفرهم، وبالجهل بالشرك لا يحصل شيء مما دلت عليه لا إله إلا اللّه، ومن لم يقم بمعنى هذه الكلمة، ومضمونها فليس من الإسلام في شيء؛ لأنه لم يأت بهذه الكلمة، ومضمونها عن علم، ويقين، وصدق، وإخلاص، ومحبة، وقبول، وانقياد، وهذا النوع ليس معه من ذلك شيء، وإن قال لا إله إلا اللّه، فهو لا يعرف ما دلت


(١) تيسير العزيز الحميد (ص ٥٦) بتصرف.