للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يغفر لصاحبه، ولا يقبل معه عمل" (١).

فنفس محبته أصل لعبادته، والشرك في محبته أصل الإشراك في عبادته (٢).

بل هي أعظم الغايات، وأجلّ المقامات، وأكبر الأصول، وأعلى الدرجات، بل ما من مقام بعد إدراك المحبة إلا وهو ثمرة من ثمارها، وتابع من توابعها؛ كالشوق، والأنس، والرضا، والإنابة، ولا من مقام قبلها إلا وهو مقدمة من مقدماتها؛ كالتوبة، والصبر، والزهد، وغيرها من المقامات (٣).

فثبت بذلك أن محبة الله تعالى هي أصل الدين وأساس الملة، فلا يقوم دين ولا يصح إيمان بدون هذه المحبة، كما سيأتي بيان ذلك بأدلة الكتاب والسُّنَّة، كما أنها أصل لجميع المحاب الشرعية، إذ جميع المحاب الشرعية غيره سبحانه وتعالى لا بد أن تكون محبة الله هي أصلها وأساسها الذي تنبني عليه هذه المحاب، فهي تابعة لمحبته سبحانه، ومحبة الله هي محبة لذاته عز وجل لا لشيء آخر، فهي محبة أصلية ترجع إليها جميع المحاب التابعة، فالله هو منتهى الحب والعبادة والتعظيم والذل والخضوع.

يقول الإمام ابن القيم فيما يجب أن يتحقق به العبد حتى يكون الله تعالى أحب إليه من كل شيء: "الثالث: أن تكون محبة غيره تابعة لمحبته، فيكون هو المحبوب بالذات والقصد الأول وغيره محبوبًا تبعًا لحبه كما يطاع تبعًا لطاعته، فهو في الحقيقة المطاع المحبوب" (٤).


(١) إغاثة اللهفان (٢/ ١٩٦)، وانظر: تفسير السعدي (ص ٩١٩).
(٢) انظر: منهاج السُّنَّة النبوية (٥/ ٣٢٩).
(٣) انظر: إحياء علوم الدين (٤/ ٢٩٤).
(٤) مدارج السالكين (٢/ ١٨٣)، وانظر: ومجموع الفتاوى (١٠/ ٢٦٥)، و (١٠/ ٣٠٦)، و (١٨/ ٣١٦)، وروضة المحبين (ص ١٩٩).