للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عند قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ}: "الحادية عشرة: أدن من اتخذ ندًا تُساوِي محبته محبة الله فهو الشرك الأكبر" (١).

وسياق الآيات دل على أنهم -بصرف هذه المحبة لغير الله- مشركون شركًا أكبر مخرجًا عن ملة الإسلام بدليل ما لهم من العذاب والخلود في نار جهنم (٢).

فمن لم يخلص في محبة الله التي هي أصل الإيمان وأشرك معه غيره كان من المشركين الذين حبطت أعمالهم وحرمت عليهم الجنة؛ ولذا حكم الله عليهم بالخلود في النار وعدم الخروج منها بقوله: {وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (١٦٧)} (٣).

وهذه المحبة الشركية تظهر آثارها على المشركين وإن انتفوا منها وأنكروها، فهم يغضبودن لآلهتهم إذا انتهكت، ويفرحون بها ويستبشرون بذكرها، ويوالون عليها، ويعادون من أجلها (٤).

يقول الشيخ ابن عثيمين: "قوله: {يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ}؛ أي: في كيفيته ونوعه، فالنوع أدن يحب غير الله محبة عبادة، والكيفية: أن يحبه كمحبة الله أو أشد، حتى إن بعضهم يعظِّم محبوبه ويغار له أكثر مما يعظِّم الله ويغار له، فلو قيل: احلف بالله، لحلف، وهو كاذب ولم يبال، ولو قيل: احلف بالند، لم يحلف، وهو كاذب، وهذا شرك أكبر" (٥).

ثانيًا: قوله تعالى: {وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٩٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ


(١) كتاب التوحيد (ص ٩٠).
(٢) وانظر: تيسير العزيز الحميد (ص ٣١)، وفتح المجيد (ص ٧٦).
(٣) انظر: روضة المحبين (ص.٢٨)، تفسير السعدي (ص ٧٩ - ٨٠).
(٤) انظر: مدارج السالكين (١/ ٣٤١ - ٣٤٣).
(٥) القول المفيد على كتاب التوحيد لابن عثيمين (٢/ ٤٦).