للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (٩٣) فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (٩٤) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (٩٥) قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (٩٦) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٩٨)} [الشعراء: ٩٢ - ٩٨].

بيَّن تعالى في هذه الآيات حقيقة عبادة المشركين لمعبوداتهم، وأنهم ساووا هذه المعبوات بالله تبارك وتعالى في المحبة والتعظيم والخضوع، فحكم الله عليهم بالشرك والخلود في النار بسبب هذه المحبة الشركية التي لا يبقى بعدها من الإيمان حبة خردل.

يقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ: "وقال تعالى حاكيًا عن أهل النار أنهم يقولون لأَلهتهم التي عبدت مع الله: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٩٨)}، ومعلوم أنهم ما سووهم بالله في الخلق والرزق والتدبير، وإنما هو في المحبة والخضوع والتعظيم والخوف والرجاء، ونحو ذلك من العبادات، وقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} [البقرة: ١٦٥]، هذا حب عبادة وتأله وتعظيم؛ ولهذا ونحوه كفَّرهم الله تعالى، وأباح دماءهم وأموالهم ونساءهم لعباده المؤمنين حتى يسلموا ويكون الدين كله لله" (١).

ثالثًا: قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (٩)} [محمد: ٩]، وقوله عز وجل: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (٢٦)} [محمد: ٢٦]، وقوله سبحانه: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (٢٨)} [محمد: ٢٨]، وحبوط الأعمال لا يكون إلا بسبب الكفر والخروج عن الدين.

ومما يدل على أن محبة الله ورسوله أصل أصيل، وركن في الدين


(١) مصباح الظلام (ص ٣٧).