للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكفر، وبغض الرسول وبغض ما جاء به أنه كافر بالله ورسوله" (١).

ويقول الإمام ابن القيم: "كل من أبغض شيئًا من نصوص الوحي ففيه من عداوة الله ورسوله بحسب ذلك، ومن أحب نصوص الوحي ففيه من ولاية الله ورسوله بحسب ذلك، وأصل العداوة البغض، كما أن أصل الولاية الحب، قال عبد الله بن مسعود: (لا يسأل أحدكم عن نفسه غير القرآن، فإن كان يحب القرآن فهو يحب الله، وإن كان يبغض القرآن فهو يبغض الله) (٢) " (٣).

ولزيد الإمام ابن تيمية الأمر بيانًا وتفصيلًا فيقول: "فمن اعتقد قبح ما أمر الله به أمر إيجاب أو استحباب، أو أبغض ذلك وكرهه بحيث يتألم على فعله، ويتأذى بوجوده، ففيه من النفاق بحسب ذلك، وهو إما نفاق أكبر يخرجه من أصل الإيمان، وإما نفاق أصغر يخرجه من كماله الواجب عليه، قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (٢٨)}. . . بل إذا علم العبد أن هذا الفعل قد أمره الله به وأحبه فاعتقد هو أن ذلك ليس مما أمر الله به، وأبغضه وكرهه فهو كافر بلا ريب" (٤).

ولذا عدَّ -الإمام المجدد- الشيخ محمد بن عبد الوهاب بغض شيء من الدين ناقضًا من نواقض الإسلام فقال: "الخامس: من أبغض


(١) مجموع الفتاوى (١٤/ ١٠٧).
(٢) أخرجه ابن المبارك في الزهد (١/ ٣٨٨)، برقم (١٠٩٧)، وسعيد بن منصور في سننه (١/ ١٠)، برقم (٢)، والطبراني في الكبير (٩/ ١٣٢)، برقم (٨٦٥٧)، والبيهقي في شعب الإيمان، فصل: في إدمان تلاوة القرآن (٢/ ٣٥٣)، برقم (٢٠١٧)، والهيثمي في مجمع الزوائد (٧/ ١٦٥)، وقال: "رواه الطبراني ورجاله ثقات". وفي رواية ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "لا يضر الرجل أن لا يسأل عن نفسه إلا القرآن فإن كان يحب القرآن فإنه يحب الله عز وجل ورسوله -صلى الله عليه وسلم-".
(٣) الصواعق المرسلة (٣/ ١٠٤١)، وانظر: درء تعارض العقل والنقل (٥/ ٢١٩).
(٤) جامع الرسائل (١/ ٢٤٨).