للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شيئًا مما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولو عمل به كفر إجماعًا، والدليل قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (٩)} [محمد: ٩] " (١).

فانعدام المحبة من القلب دليل الكراهية والبغض في القلب.

يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن في شرحه لكلام الشيخ -المجدد- محمد بن عبد الوهاب: "ثم قال رحمه الله: ومنهم من لم يحب التوحيد، ولم يبغضه؛ فالجواب: أن من لم يحب التوحيد، لم يكن موحدًا؛ لأنه هو الدين الذي رضيه الله تعالى لعباده، كما قال: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣] فلو رضي بما رضي به الله، وعمل به لأحبه.

ولا بد من المحبة لعدم حصول الإسلام بدونها، فلا إسلام إلا بمحبة التوحيد،. . . وبالمحبة يترتب عليها ما تقتضيه كلمة الإخلاص من شروط التوحيد" (٢).

رابعًا: قوله سبحانه: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (٤٣)} [الفرقان: ٤٣]، وقول الله: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (٢٣)} [الجاثية: ٢٣]، وقال تعالى: {قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (٥٦)} [الأنعام: ٥٦].

ذكر الله في هذه الآيات الهوى، وبيَّن أن اتباع هوى النفس -وهو الحب وميل النفس- كان سببًا في ضلال من ضلَّ وانحرف عن منهج الله


(١) الرسائل الشخصية (ص ٢١٣)، وانظر: مسائل لخصها الإمام محمد بن عبد الوهاب (ص ١٤٠)، ومنهاج السُّنَّة النبوية (٥/ ٢٩٨)، ويقول أيضًا: "واذكر قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (٩)} فإذا كانت الكراهية تحبط الورع الذي تذكر، فكيف الصدّ مع الكراهة، واليهود والنصارى فيهم أهل زهد أعظم من الورع والله أعلم". [الفتاوى (ص ٥١)].
(٢) الدرر السنية (٢/ ٢٠٧ - ٢٠٨).