للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عصي الله به من الذنوب فإنما هو بسبب تقديم العبد هواه على أوامر الله تعالى.

ويقول الشيخ يحيى العمران في قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ}: "وهذه الآية نزلت في قوم هووا الأوثان فعبدوها، فأخبر الله أنه أضلهم: أي: حرمهم التوفيق والتسديد على ما سبق في علمه أنه يخلقهم ضلالًا" (١).

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية في الآية: "فهو لا يتأله من يستحق التأله، بل يتأله ما يهواه، وهذا المتخذ إلهه هواه له محبة كمحبة المشركين لآلهتهم، ومحبة عباد العجل له، وهذه محبة مع الله لا محبة لله، وهذه محبة أهل الشرك" (٢).

ويقول رحمه الله: "وأما من أحب شخصًا لهواه؛ مثل أن يحبه لدنيا يصيبها منه، أو لحاجة يقوم له بها، أو لمال يتآكله به، أو بعصبية فيه، ونحو ذلك من الأشياء فهذه ليست محبة لله، بل هذه محبة لهوى النفس، وهذه المحبة هي التي توقع أصحابها في الكفر، والفسوق، والعصيان، وما أكثر من يدّعي حب مشايخ لله، ولو كان يحبهم لله لأطاع الله الذي أحبهم لأجله؛ فإن المحبوب لأجل غيره تكون محبته تابعة لمحبة ذلك الغير، وكيف يحب شخصًا لله من لا يكون محبًا لله، وكيف يكون محبًا لله من يكون معرضًا عن رسول الله، وسبيل الله، وما أكثر من يحب شيوخًا، أو ملوكًا، أو غيرهم فيتخذهم أندادًا يحبهم كحب الله" (٣).

ويقول الإمام ابن القيم: "التوحيد واتباع الهوى متضادان؛ فإن الهوى صنم ولكل عبد صنم في قلبه بحسب هواه، وإنما بعث الله رسله


(١) الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (١/ ٢٨٥).
(٢) مجموع الفتاوى (٨/ ٣٥٩)، و (١٠/ ٢٦٠).
(٣) المصدر نفسه (١١/ ٥٢٠ - ٥٢١)، و (١٨/ ٣١٦)، وانظر: (٢٨/ ١٣٢).