للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بكسر الأصنام وعبادته وحده لا شريك له، وليس مراد الله سبحانه كسر الأصنام المجسدة وترك الأصنام التي في القلب، بل المراد كسرها من القلمب أولًا. . . وتأمل قول الخليل -صلى الله عليه وسلم- لقومه: ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون كيف تجده مطابقًا للتماثيل التي يهواها القلب ويعكف عليها ويعبدها من دون الله، قال الله تعالى: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (٤٣) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (٤٤)} [الفرقان: ٤٣، ٤٤] " (١).

خامسًا: قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [التوبة: ٢٤].

بيَّن سبحانه في هذه الآية الكريمة أن من كانت محبته لمحبوباته أكثر من محبته لله ورسوله والجهاد في سبيله فإنه من الذين توعدهم الله تعالى بالعذاب بسبب هذه المحبة، والواجب على أهل الإيمان الحق ألا يقدِّموا على محبة الله ورسوله محبة أحد سواهما.

يقول الإمام البيهقي في معنى الآية: "فأبان بهذا أن حب الله وحب رسوله والجهاد في سبيله فرض، وأنه لا ينبغي أن يكون شيء سواه أحب إليهم منه، وبمثل ذلك جاءت السُّنَّة" (٢).

ويقول الإمام ابن تيمية في توضيحه لمعنى الآية: "فانظر إلى هذا الوعيد الشديد الذي قد توعد الله به من كان أهله وماله أحب إليه من الله، ورسوله، وجهاد في سبيله، فعلم أنه يجب أن يكون الله ورسوله، والجهاد في سبيله أحب إلى المؤمن من الأهل، والمال، والمساكن،


(١) روضة المحبين (٤٨١ - ٤٨٢).
(٢) شعب الإيمان للبيهقي (١/ ٣٦٣).