للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمتاجر، والأصحاب، والأخوان، وإلا لم يكن مؤمنًا حقًا" (١).

والمقصود بالحب هو الديني الشرعي المستلزم لتقديم طاعة الله ورسوله على طاعة كل أحد، أما الحب الطبيعي فإن الإنسان مجبول عليه ولا يمكنه تركه فلا تكليف فيه كما سبق بيانه.

ويقول الشيخ سليمان بن عبد الله: "المحبة الصادقة تستلزم تقديم مراضي الله على هذه الثمانية كلها فكيف بمن أَثر بعضها على الله ورسوله وجهاد في سبيله، فإن قلت قد قال شيخ الإسلام: إن كثيرًا من المسلمين أو أكثرهم بهذه الصفة. قيل مراده أن كثيرًا من المسلمين قد يكون ما ذكر أحب إليه من الله ورسوله؛ أي: في إيثار ذلك على فعل أمر الله وأمر رسوله الذي ينشأ عن المحبة، لا في الحب الذي يوجب قصد المحبوب بالتأله، فإن من ساوى بين الله وبين غيره في هذا الحب فهو مشرك، فكيف إذا كان غير الله أحب إليه كما هو الواقع من عبَّاد القبور، فإنهم يحبون أندادهم أعظم من حب الله" (٢).

ولذا استدل بهذه الآية بعض أهل العلم على وجوب محبة الله ورسوله؛ لأن الله توعدهم على تفضيل محبتهم لغيره على محبته، والوعيد لا يقع إلا على فرض لازم" (٣).

سادسًا: قوله -صلى الله عليه وسلم- عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الإيمَانِ مَنْ كَانَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا للهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ


(١) مجموع الفتاوى (١٠/ ٧٥٠ - ٧٥١)، وانظر: تفسير السعدي (٣٣٢)، روح المعاني (١٠/ ٧١).
(٢) تيسير العزيز الحميد (ص ٣٩١).
(٣) انظر: تاريخ الإسلام (٢٦/ ٥٠٩ - ٥١٠)، وسير أعلام النبلاء (١٦٣٤٥ - ١٦٣٤٦)، وطبقات الشافعية الكبرى (٣/ ١٥٨).