للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنْقَذَهُ اللهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ" (١).

فأما كون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما فإن هذا من الإيمان الواجب الذي فرضه الله على عباده المؤمنين، وهو أن يكون الله ورسوله أحب إلى العبد -محبة دينية شرعية وهي المحبة المتضمنة لأصل الحب وكماله الواجب- فيميل إلى الله ورسوله بقلبه أكثر من ميله إلى ما سواهما.

وأما محبته للمرء لا يحبه إلا من أجل الله، وبغضه للكفر وكراهيته له فإن ذلك من لوازم كون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما.

يقول الشيخ سليمان آل الشيخ: "بل المراد في الحديث أن يكون الله ورسوله عند العبد أحب إليه مما سواهما: حبًا قلبيًا. . . فيميل بكليته إلى الله وحده حتى يكون وحده محبوبه ومعبوده، وإنما يحب من سواه تبعًا لمحبته كما يحب الأنبياء والمرسلين والملائكة والصالحين لما كان يحبهم رَبُّه سبحانه" (٢).

وعدم تحقق هذه المحبة الواردة في الحديث لا يدل على انعدام أصل المحبة من القلب، لكن انعدامها تمامًا يدل على خلو القلب من العلم والتصديق والمعرفة، فإن المحبة تبع لهذه الأمور، بل المنفي في الحديث هو كمال المحبة الواجبة.

ويقول الإمام ابن تيمية: "وقد يكون مسلمًا يعبد الله كما أمر ولا يعبد غيره، ويخافه ويرجوه، ولكن لم يَخْلُص إلى قلبه أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ولا أن يكون الله ورسوله والجهاد في


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب: حلاوة الإيمان (١/ ١٤)، برقم (١٦)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب: بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الإيمان (١/ ٦٦)، برقم (٤٣).
(٢) تيسير العزيز الحميد (ص ٣٩٥).