للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبيله أحب إليه من جميع أهله وماله، وأن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وأن يخاف الله لا يخاف غيره، وأن لا يتوكل إلا على الله، وهذه كلها من الإيمان الواجب، وليست من لوازم الإسلام،. . . وأما طمأنينة القلب بمحبته وحده، وأن يكون أحب إليه مما سواهما، وبالتوكل عليه وحده، وبأن يحب لأخيه المؤمن ما يحب لنفسه، فهذه من حقائق الإيمان التي تختص به، فمن لم يتصف بها لم يكن من المؤمنين حقًا، وإن كان مسلمًا، وكذلك وجل قلبه إذا ذكر الله، وكذلك زيادة الإيمان إذا تليت عليه آياته" (١).

ويقول الإمام ابن القيم في بيان كون الله ورسوله أحب إلى العبد مما سواهما: "وهذا النوع من الحب لا يمكن أن يكون إلا لله ورسوله شرعًا ولا قدرًا، وإن وجد في الناس من يؤثر محبوبه بنفسه وماله فذاك في الحقيقة إنما هو لمحبة غرضه منه، فحمله محبة غرضه على أن بذل فيه نفسه وماله، وليست محبته لذلك المحبوب لذاته، بل لغرضه منه، وهذا المحبوب له مثل ولمحبته مثل، وأما محبة الله ليس لها مثل، ولا للمحبوب مثل، ولهذا حَكَّمَ الصحابة -رضي الله عنهم- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أنفسهم وأموالهم" (٢).

ويقول الإمام ابن رجب في بيان معنى الحديث: "فهذه الثلاث خصال من أعلى خصال الإيمان، فمن كملها فقد وجد حلاوة الإيمان وطَعِمَ طعمه، فالإيمان له حلاوة وطعم يذاق بالقلوب كما يذاق حلاوة الطعام والشراب بالفم، فإن الإيمان هو غذاء القلوب وقوتها كما أن الطعام والشراب غذاء الأبدان وقوتها، وكما أن الجسد لا يجد حلاوة الطعام والشراب إلا عند صحته، فإذا سقم لم يجد حلاوة ما ينفعه من ذلك، بل قد يستحلي ما يضره وما ليس فيه حلاوة لغلبة السقم عليه،


(١) مجموع الفتاوى (٧/ ٤٢٦ - ٤٢٧).
(٢) روضة المحبين (ص ٢٧٦).