للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول الشيخ السعدي: "الثالث: توحيد الإلهية ويقال له: توحيد العبادة: وهو العلم والاعتراف بأن اللَّه ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين، وإفراده وحده بالعبادة كلها، وإخلاص الدين للّه وحده، وهذا الأخير يستلزم القسمين الأولين ويتضمنهما، لأن الألوهية التي هي صفة تعم أوصاف الكمال، وجميع أوصاف الربوبية والعظمة، فإنَّه المألوه المعبود لما له من أوصاف العظمة والجلال، ولما أسداه إلى خلقه من الفواضل والأفضال، فتوحده تعالى بصفات الكمال، وتفرده بالربوبية يلزم منه أن لا يستحق العبادة أحد سواه" (١).

وهنا نص -رَحِمَهُ اللّه- على مسألة العلم والاعتقاد واليقين بألوهية اللَّه تعالى، واستحقاقه -عَزَّ وَجَلَّ- للعبادة دون ما سواه، وبئن أن هذا الاستحقاق للعبادة هو لازم استحقاقه تعالى لصفات الربوبية، وتفرده بصفات الجلال والكمال.

ويبيِّن الشيخ السعدي حقيقة توحيد العبادة بقوله: "يأمر تعالى عباده بعبادته وحده لا شريك له، وهو الدخول تحت رق عبوديته، والانقياد لأوامره ونواهيه؛ محبة وذلًا، وإخلاصًا له في جميع العبادات الظاهرة والباطنة، وينهى عن الشرك به شيئًا؛ لا شركًا أصغر، ولا أكبر، لا ملكًا ولا نبيًا ولا وليًا ولا غيرهم من المخلوقين، الذين لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًا، ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا، بل الواجب المتعين إخلاص العبادة لمن له الكمال المطلق من جميع الوجوه، وله التدبير الكامل الذي لا يشركه ولا يعينه عليه أحد" (٢).

ولذا يقول الإمام ابن تيمية: "وَمِنْ تَحْقِيقِ التَّوْحِيدِ: أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللّهَ تَعَالَى أَثْبَتَ لَهُ حَقًّا لَا يُشْرِكُهُ فِيهِ مَخْلُوقٌ، كَالْعِبَادَةِ وَالتَّوَكُّلِ وَالْخَوْفِ وَالْخَشْيَةِ وَالتَّقْوَى" (٣).


(١) القول السديد في مقاصد التوحيد (ص ١٩).
(٢) تفسير السعدي (ص ١٧٨).
(٣) مجموع الفتاوى (٣/ ١٠٦).