للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يريد، وهذا قول كثير من المتكلمين ومن وافقهم من الصوفية.

والثالث: أنه لا يُحِب ولا يُحَب وإنما محبة العباد له إرادتهم طاعته، وهذا قول الجهمية ومن وافقهم من متأخري أهل الكلام" (١).

ويقول -رحمه الله-: "وقد أجمع سلف الأمة وأئمتها على إثبات محبة الله تعالى لعباده المؤمنين، ومحبتهم له، وهذا أصل دين الخليل إمام الحنفاء -عليه السلام-" (٢).

ثانياً: فرَّقت القاعدة بين محبة الله تعالى ومحبة غيره، فمحبته -سبحانه وتعالى- لا يشترك معه أحد من الناس فيها مهما كانت مكانته ومنزلته، فهي محبة خاصة بالرب تبارك وتعالى، ولذا كان التعبير عن محبة الله -في الغالب- يأتي بما يختص بالله تعالى دون غيره كلفظ العبادة والإنابة والتبتل والاستكانة والتوبة فإن جميعها متضمن لمحبة الله تعالى.

يقول الإمام ابن تيمية: "واسم المحبة فيه إطلاق وعموم؛ فإن المؤمن يحب الله، ويحب رسله، وأنبياءه، وعباده المؤمنين، وإن كان ذلك من محبة الله، وإن كانت المحبة التي لله لا يستحقها غيره؛ ولهذا جاءت محبة الله -سبحانه وتعالى- مذكورة بما يختص به سبحانه من العبادة، والإنابة إليه، والتبتل له، ونحو ذلك، فكل هذه الأسماء تتضمن محبة الله -سبحانه وتعالى-" (٣).

ثالثاً: المقارنة -مع عظم الفارق- بين محبة المؤمنين لربهم سبحانه وبين محبة المشركين لأوثانهم وأندادهم، وكون الأولى أشد وأقوى وأثبت وأعظم من الثانية، فمن ذلك:

أن محبة المؤمنين متصلة بالله تعالى لا تنقطع أبداً ما داموا على الإيمان والتوحيد، بخلاف محبة الأنداد فإنها لأغراض فاسدة موهومة


(١) شرح العقيدة الأصفهانية (ص ٢٧)، وانظر للرد على من تأوَّل محبة الله تعالى: مجموع الفتاوى (٨/ ١٤٢)، و (٨/ ٣٥٧)، وأقاويل الثقات (ص ٧٧ - ٧٨).
(٢) مجموع الفتاوى (٢/ ٣٥٤).
(٣) مجموع الفتاوى (١٠/ ٥٦ - ٥٧).