للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسُنة وبدعة، استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير، واستحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر، فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة فيجتمع له من هذا وهذا، كاللص الفقير تقطع يده لسرقته، ويعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته. هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السُّنَّة والجماعة، وخالفهم الخوارج، والمعتزلة ومن وافقهم ... " (١).

ويقول الإمام ابن القيم في علامة المحبة الدينية الإيمانية في الله تعالى: "وعلامة هذا الحب والبغض في الله أنه لا ينقلب بغضه لبغيض الله حبًا لإحسانه إليه، وخدمته له، وقضاء حوائجه، ولا ينقلب حبه لحبيب الله بغضًا إذا وصل إليه من جهته من يكرهه ويؤلمه، إما خطأ، وإما عمدًا مطيعًا لله فيه، أو متأولًا أو مجتهدًا، أو باغيًا نازعًا تائبًا، والدين كله يدور على أربع قواعد حب وبغض ويترتب عليهما فعل وترك" (٢).

ويقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ: "وكذلك من كره دخول الناس في التوحيد، وأحب بقاءهم على الشرك فقد خالف الكتاب والسُّنَّة والإجماع.

وبهذا تعلم أن المحبة ذات مراتب، لا يلزم من وجود بعضها وجود غيره، وكذلك المتابعة، ومن لم يستكمل الإيمان الواجب في الحب والمتابعة قد يقع منه ما ينافيهما فيجتمع الضدان، ولا يستحيل ذلك لا عقلًا ولا شرعًا؛ أما العقل فقد جوَّز اجتماع الأضداد كافة النظار والمتكلمين ومثلوا لذلك.

وأما الشرع فإجماع السلف والأئمة على أن الشخص يجتمع فيه مادتان متضادتان: كفر وإسلام، توحيد وشرك، طاعة وفسق، إيمان


(١) مجموع الفتاوى (٢٨/ ٢٠٩).
(٢) الروح (ص ٢٥٣).