للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإخلاص والخضوع، والتسليم، والقبول والميل لأحكام الإسلام واستحسانها عمومًا، والسلامة من جميع الاعتقادات الباطلة المنافية لأصل الإسلام (١).

يقول الإمام ابن القيم بعد حصره للأقوال التي قيلت في معنى الفطرة: "والصحيح من هذه الأقوال ما دل عليه القرآن والسُّنَّة: أنهم ولدوا حنفاء على فطرة الإسلام، بحيث لو تركوا وفطرهم لكانوا حنفاء مسلمين، كما ولدوا أصحاء كاملي الخلقة، فلو تركوا وخلقهم لم يكن فيهم مجدوع، ولا مشقوق الأذن؛ ولهذا لم يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك شرطًا مقتضيًا غير الفطرة، وجعل خلاف مقتضاها من فعل الأبوين" (٢).

والمقصود بهذا أن فطرة المولود تكون موجبة ومقتضية لدين الإسلام والتوحيد، ومتهيئة ومتمكنة بالقوة من معرفته، كما سيأتي بيانه.

يقول البيضاوي (٣) فى قوله تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: ٣٠]: "خلقهم عليها، وهي قبولهم للحق، وتمكنهم من إدراكه، أو ملة الإسلام؛ فإنهم لو خلوا وما خلقوا عليه أدى بهم إليها" (٤).


= ومجاهد، والحسن، وإبراهيم، والضحاك، وقتادة، وغيرهم. انظر: الاستذكا ر (٣/ ١٠٤، ١٠٢)، وقال الإمام البخاري: "والفطرة الإسلام". [صحيح البخاري (٤/ ١٧٩٢)].
(١) انظر: الاستذكار لابن عبد البر (٣/ ١٠٢ - ١٠٣).
(٢) أحكام أهل الذمة (٢/ ١٠٦٩ - ١٠٧٠).
(٣) هو: عبد الله بن عمر بن محمد بن علي البيضاوي الشافعي، الملقب بـ (ناصر الدين) فقيه، أصولي، مفسر، له تصانيف كثيرة منها: الطوالع والمصباح في أصول الدين، والغاية القصوى في الفقه، والمنهاج في أصول الفقه، ومختصر الكشاف في التفسير، وغيرها، توفي سنة ٦٨٥ هـ. [ترجمته في: طبقات الشافعية الكبرى (٨/ ١٥٧)، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (٢/ ١٧٢)].
(٤) تفسير البيضاوي (٤/ ٣٣٥)، وانظر: تفسير النسفي (٣/ ٢٧٣).