يقول الإمام ابن تيمية:"فعلم أنه لا بد في المتابعة للنبي -صلى الله عليه وسلم- من اعتبار القصد والنية؛ فإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"(١).
ويستطرد الآمدي مفصلًا وشارحًا لمسألة المتابعة والتأسي بأفعال النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "المقدمة الثانية: في معنى التأسي والمتابعة والموافقة والمخالفة؛ إذ الحاجة داعية إلى معرفة ذلك فيما نرومه من النظر في مسائل الأفعال.
أما التأسي بالغير فقد يكون في الفعل والترك.
أما التأسي في الفعل: فهو أن تفعل مثل فعله على وجهه، من أجل فعله.
فقولنا:(مثل فعله)؛ لأنه لا تأسي مع اختلاف صورة الفعل كالقيام والقعود.
وقولنا:(على وجهه): معناه المشاركة في غرض ذلك الفعل ونيته؛ لأنه لا تأسي مع اختلاف الفعلين في كون أحدهما واجبًا والآخر ليس بواجب، وإن اتحدت الصورة.
وقولنا:(من أجل فعله)؛ لأنه لو اتفق فعل شخصين في الصورة والصفة ولم يكن أحدهما من أجل الآخر كاتفاق جماعة في صلاة الظهر مثلًا، أو صوم رمضان اتباعًا لأمر الله تعالى؛ فإنه لا يقال بتأسي البعض بالبعض.
وعلى هذا فلو وقع فعله في مكان أو زمان مخصوص فلا مدخل له في المتابعة والتأسي؛ وسواء تكرر أو لم يتكرر؛ إلا أن يدل الدليل على اختصاص العبادة به؛ كاختصاص الحج بعرفات، واختصاص الصلوات بأوقاتها.