للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما التأسي في الترك: فهو ترك أحد الشخصين مثل ما ترك الآخر من الأفعال على وجهه وصفته؛ من أجل أنه ترك.

وأما المتابعة فقد تكون في القول وقد تكون في الفعل والترك؛ فاتباع القول: هو امتثاله على الوجه الذي اقتضاه القول.

والاتباع في الفعل: هو التأسي بعينه.

وأما الموافقة: فمشاركة أحد الشخصين للآخر في صورة قول، أو فعل، أو ترك، أو اعتقاد، أو غير ذلك؛ وسواء كان ذلك من أجل ذلك الآخر، أو لا من أجله.

وأما المخالفة: فقد تكون في القول، وقد تكون في الفعل والترك، فالمخالفة في القول: ترك امتثال ما اقتضاه القول.

وأما المخالفة في الفعل: فهو العدول عن فعل مثل ما فعله الغير مع وجوبه؛ ولهذا فإن من فعل فعلًا ولم يجب على غيره مثل فعله لا يقال له: إنه مخالف في الفعل بتقدير الترك؛ ولذلك لم تكن الحائض مخالفة بترك الصلاة لغيرها" (١).

ويقول أبو الحسين البصري (٢): "أما التأسي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- فقد يكون في فعله، وفي تركه؛ أما التأسي به في الفعل: فهو أن نفعل صورة ما فعل، على الوجه الذي فعل، لأجل أنه فعل، والتأسي في الترك: هو أن نترك مثل ما ترك، على الوجه الذي ترك، لأجل أنه ترك، وإنما شرطنا أن تكون صورة الفعل واحدة؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- لو صام وصلينا لم نكن متأسين


(١) الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (١/ ٢٢٦ - ٢٢٧)، (بتصرف).
(٢) هو: محمد بن علي الطيب، أبو الحسين، البصري: أحد أئمة المعتزلة، ولد في البصرة، وسكن ببغداد، قال الخطيب البغدادي: (له تصانيف وشهرة بالذكاء والديانة على بدعته)، وكان يقرئ الاعتزال ببغداد وله حلقة كبيرة، من كتبه: المعتمد في أصول الفقه، وتصفح الأدلة، وشرح الأصول الخمسة، توفي سنة ٤٣٦ هـ. [ترجمته في: العبر في خبر من غبر (٣/ ١٨٩)، والأعلام للزركلي (٦/ ٢٧٥)].