للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هو أحب العمل إليه، والموالاة فيه، والمعاداة فيه، ولولا محبته لهذه المأمورات لما قدر من المكروه له ما يكون سببًا لحصولها" (١).

فالواجب على العباد معرفة الفوارق بين مقاصد الشرع ووسائله، فيحرصون على المقاصد أشد من حرصهم على الوسائل، وإلا وقعوا في حبائل الشيطان وخدعه.

يقول الإمام ابن تيمية في كلامه عن حقيقة ما يحصل للأولياء من خوارق: "لكن المقصود أن تُعرف مرتبة الخوارق، وأنها عند أولياء الله الذين يريدون وجهه، ويحبون ما أحبه الله ورسوله: في مرتبة الوسائل التي يُستعان بها كما يُستعان بغير الخوارق، فإن لم يحتاجوا إليها استغناءً بالمعتادات لم يلتفتوا إليها. وأما عند كثير ممن يتبع هواه، ويحب الرياسة عند الجهال، ونحو ذلك، فهي عندهم أعلى المقاصد.

كما أن كثيرًا من طلبة العلم ليس مقصودهم به إلا تحصيل رياسة أو مال، ولكل امرئٍ ما نوى، وأما أهل العلم والدين الذين هم أهله، فهو مقصود عندهم لمنفعته لهم، وحاجتهم إليه في الدنيا والآخرة" (٢).

فجميع الأمور الخارجة عن الإيمان والتقوى لا تعتبر من المقاصد الشرعية، وقد تدخل في باب الوسائل التي يتوصل بها إلى المقصود الشرعي الذي يتحقق به الإيمان والتقوى.

يقول الإمام ابن تيمية: "أما الأمور الخارجية عن نفس الإيمان والتقوى فلا يحصل بها فضيلة عند الله تعالى، وإنما يحصل بها الفضيلة عند الله إذا كانت مُعينة على ذلك؛ فإنها من باب الوسائل لا المقاصد؛ كالمال والسلطان والقوة والصحة ونحو ذلك، فإن هذه الأمور لا يفضّل


(١) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين (١/ ٢٩ - ٣٠).
(٢) منهاج السُّنَّة النبوية (٨/ ٢٠٩).