للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المذكورين، فلما نفى ملكهم الشفاعة بقيت الشفاعة بلا مالك لها، كأنه قد قيل: فإذا لم يملكوها هل يشفعون في أحد فقال: نعم" (١).

ويقول الشيخ السعدي في معنى الآية: "أي: ليست الشفاعة ملكهم ولا لهم منها شيء، وإنما هي لله تعالى قل لله الشفاعة جميعًا" (٢).

وقد يقال: إن من أَذن الله له في الشفاعة فقد مَلَّكَه ما أُذن له فيه، ولا يقال: إنه مالك للشفاعة بإطلاق، ولكن يقال: إن الله ملكه ذلك بإذن خاص، فهو مالك لما أذن له فيه فقط، أما ما لم يؤذن له فيه فلا يملك منه شيئًا.

يقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: "وقد بين تعالى في مواضع أخر أن المعبودات التي يعبدونها من دون الله لا تملك الشفاعة، وأن من شهد بالحق يملكها بإذن الله له في ذلك" (٣).

ويقول الشيخ عبد الله أبا بطين في رده على ابن جرجيس على قوله: إن الله ملَّك المؤمنين الشفاعة. فقال: "فإطلاق القول بأن الله ملك المؤمنين الشفاعة خطأ، بل الشفاعة كلها لله وحده {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا}، وأثبت سبحانه الشفاعة بإذنه، وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الأنبياء يشفعون والصالحين يشفعون، وعلى هذا فمن أذن الله له في الشفاعة يصح أن يقال: إنه مَلَكَ ما أُذن له فيه فقط، لا ما لم يؤذن له فيه، فهو تمليك معلَّق على الإذن والرضا، لا تمليك مطلق كما يزعمه هذا الضال" (٤).

ومن تلك الآيات قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ


(١) مجموع الفتاوى (١٤/ ٤٠٩).
(٢) تفسير السعدي (ص ٥٠٠).
(٣) أضواء البيان (٣/ ٥١٦).
(٤) تأسيس التقديس في كشف تلبيس داود بن جرجيس (ص ١١٥).