فأنت تراهم إنما شفعوا لمن تاب واتبع سبيل الله تعالى، وقد قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢)} [البقرة: ٢٢٢]، وإذا كان الأمر كذلك فطريق التوصل إلى شفاعة الملائكة إنما هي بطاعة الله تعالى، واتباع سبيله، والتوبة من الذنوب، ونحو ذلك، فأما تعظيمهم فإنه لا يحملهم على الشفاعة، بل إذا علموا أن تعظيمهم معصية لله تعالى، وكفر به كان أبغض الأشياء إليهم، فهم إلى أن يسألوا الله تعالى تعذيب فاعله أقرب من أن يشفعوا له، وكذا يقال في سؤال الشفاعة منهم" (١).
ويبين الإمام ابن القيم خطأ هذا القياس فيقول: "وسر الفرق بين الشفاعتين: أن شفاعة المخلوق للمخلوق، وسؤاله للمشفوع عنده لا يفتقر فيها إلى المشفوع عنده؛ لا خلقًا، ولا أمرًا، ولا إذنًا، بل هو
(١) العبادة للشيخ عبد الرحمن المعلمي، (لوحة/ ٥٨٤ - ٥٨٦) بشيء من الاختصار والتصرف، وهو مخطوط بمكتبة الجامعة الإسلامية (فلم/ ٣٥٧٧)، وقرر هذا المعنى شيخ الإسلام ابن تيمية وقال في آخر كلامه: "والمقصود هنا أن من أثبت وسائط بين الله وبين خلقه كالوسائط التي تكون بين الملوك والرعية فهو مشرك بل هذا دين المشركين عباد الأوثان كانوا يقولون: إنها تماثيل الأنبياء والصالحين وأنها وسائل يتقربون بها إلى الله وهو من الشرك الذي أنكره الله على النصارى". [انظر: مجموع الفتاوى (١/ ١٢٦ - ١٣٤، ١٢٩ - ١٣٥)، وشرح العقيدة الطحاوية (ص ٢٦٥)، وتيسير العزيز الحميد (ص ٢٢١)، تفسير السعدي (ص ٧١٨)].