للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويطلبون منها، وكان دعاؤهم لها دعاء عبادة ودعاء مسألة" (١).

رابعًا: فيها الرد على من أجاز الطلب والسؤال من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى؛ بحجة أن الأدلة الناهية عن دعاء غيره سبحانه إنما أُريد بها دعاء العبادة؛ كالصلاة والسجود والركوع، ولا يدخل فيها طلب وسؤال الشفاعة، أو نداء (٢) الأموات والغائبين.

يقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ: "وما زال أهل العلم يستدلون بالآيات التي فيها الأمر بدعاء الله؛ والنهي عن دعاء غيره على المنع من مسألة المخلوق ودعائه بما لا يقدر عليه إلا الله، وكتبهم مشحونة بذلك" (٣).

ويقول الشيخ سليمان آل الشيخ: "وإذا كان هذا الدعاء وأمثاله هو دعاء العبادة المشتمل على الاستعانة من رب العالمين بالنص عند كل علماء المسلمين، فلو صرف لغير الله من سائر الخلق لكان معبودًا به، والداعي عابد المدعو ومستعين به ومتوكل عليه، ولا يقال ليس هو عابدًا ولا مستعينًا؛ لأنَّه إنما يناديه فقط، فيصرف العبادة والاستعانة وجود النداء كما فهمه صاحب المقدمة معللًا لزوم العبادة كل منادي، وعدم تكفير كل من نادى غيره، لأنا نقول علة التكفير وجود دعاء العبادة الشاملة لدعاء المسألة التي هي حق الله، وصرفه إلى غيره سواء وجد النداء أو لم يوجد، وليس العلة وجود النداء نفسه خاليًا من العبادة، وبهذا يعلم ما ذكره المفسرون تحت قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ


(١) مجموع الفتاوى (١٥/ ١٣)، ونقله عنه ابن القيم. انظر: بدائع الفوائد (٣/ ٥١٥).
(٢) النداء هو رفع الصوت بما له معنى، والعربي يقول لصاحبه ناد معي ليكون ذلك أندى لصوتنا؛ أي: أبعد له، والدعاء يكون برفع الصوت وخفضه، يقال: دعوته من بعيد، ودعوت الله في نفسي، ولا يقال: ناديته في نفسي، وأصل الدعاء طلب الفعل؛ دعا يدعو، وادعى ادعاء؛ لانه يدعو إلى مذهب من غير دليل، وتداعى البناء يدعو بعضه بعضًا. [الفروق اللغوية للعسكري (ص ٤١)].
(٣) تحفة الطالب والجليس في كشف شبه داود بن جرجيس (ص ١١٦).