الظلم في حق الملك الديان إذ جرده سبحانه عن صفات الربوبية الحقة، وألبس المخلوق ما لا يستحقه من خصائص الإلهية.
ومما لا شك فيه أن جميع الخلق مفطورون على الضعف والضعة والافتقار إلى ربهم وخالقهم ومالكهم ورازقهم، فهذه هي صفتهم التي هي مقتضى خلقتهم وتكوينهم، وإنما جعل كمالهم ورفعتهم في عبادة الله وتوحيده عز وجل؛ ولذا أثنى الله على رسوله الكريم في غير موضع أنه عبد الله تبارك وتعالى.
فالواجب معرفة الفرق بين الخالق والمخلوق في كل ما يختص به، وينزل كل واحد منزلته، وليس في سلب خصائص الربوبية والإلهية عن المخلوق إهانة، أو سب، أو تنقيصًا له مكانته، وإنما ذلك هو مختص التكريم والتقدير الذي يحبه الله تبارك وتعالى.
يقول الإمام ابن القيم:"فإذا هَضَم المخلوقَ خصائصَ الربوبيةِ، وأنزله منزلة العبد المحض الذي لا يملك لنفسه فضلًا عن غيره ضرًّا ولا نفعًا، ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا لم يكن هذا تنقصًا له، ولا حطًّا من مرتبته ولو رغم المشركون"(١).
ثالثًا: أن سؤال المخلوق والطلب منه ما لا يستطيعه ويقدر عليه فيه نوع من صرف حق الرب تعالى، وهضم لربوبيته ومقتضاها من التأله والتعبد، وإعطاء نصيب منها لغيره سبحانه وتعالى؛ وذلك لملازمة المسألة في الغالب للذل والافتقار والمحبة لغير الرب جل وعلا، ولذا جاءت النصوص الشرعية بتحريم السؤال والمسألة إلا في حال الضرورة الملجئة فتقدر بقدرها، وترك مسألة الناس ولو فيما يستطيعونه من كمال تحقيق التوحيد.
يقول الإمام ابن القيم: "والمسألة في الأصل حرام، وإنما أبيحت