للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويرجوه، ويذل له، ويخضع له، ويهرب من سخطه، ويؤثر مرضاته، ويدعوه، ويذبح له، وينذر ... فالشرك ملزوم لتنقص الرب سبحانه وتعالى، والتنقص لازم له ضرورة، شاء المشرك أم أبى" (١).

خامسًا: دلت القاعدة على أن الشرك سوء ظن بالله تعالى، والحاصل أن سوء الظن تتفاوت مراتبه ودرجاته؛ فمنه ما هو شرك أكبر مخرج عن دين الإسلام بالكلية، ومنه ما يؤثر في تمام التوحيد الواجب، فهو دائر بين الشرك الأكبر والشرك الأصغر.

وهذا التفاوت كما سبق هو بحسب أسبابه ودوافعه، فالظن أصله في القلب، وهو بحسب العلم والمعرفة، فالظن الحسن بالله تعالى ينبني على علم العبد بمعبوده الحق، وما له من الأسماء الحسنى والصفات العليا؛ من الملك والخلق والغنى والرحمة؛ فإذا ساء ظن العبد بربه بسبب خلل فيما يتعلق بربوبية الله تعالى؛ كأن يظن عدم قدرة الله، أو عدم علمه ومعرفته لأمر من الأمور، أو عدم غناه وكرمه، أو اعتقد أن غيره سبحانه وتعالى قادر على ما لا يقدر عليه إلا هو سبحانه بحسب الطبيعة والعرف، محسنًا ظنه بذلك الغير، أو اعتقد أن لغيره عز وجل حقًّا في العبادة والتعظيم كان فاقدًا لأصل من أصول التوحيد وقاده حينئذٍ حسن ظنه بغيره سبحانه، وسوء ظنه بالله تعالى إلى الكفر والخروج عن ملة الإسلام، فسوء الظن درجات منه ما ينافي أصل التوحيد وأساس الإيمان، ومنه ما ينافي كماله الواجب (٢).

يقول الشيخ سليمان آل الشيخ في شرحه لتبويب الإمام محمد بن


(١) انظر: تيسير العزيز الحميد (ص ٢٢٠ - ٢٢١).
(٢) انظر: حاشية الأصول الثالثة، لابن قاسم (ص ٧٠)، حيث قرر أن حالة حسن الظن بالله المقارن للشخص عند نحره للذبيحة من أفضل القرب، وأن صرفه لغير الله شرك أكبر.