للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله- ضمن فوائد بعض الآيات التي استدل بها الإمام محمد بن عبد الوهاب في إحدى أبواب كتاب التوحيد: "أولًا: أنّ حسن الظنّ بالله عز وجل واجبٌ من واجبات التّوحيد: ثانيًا: أن سوء الظنّ بالله سبحانه وتعالى ينافي التّوحيد أو ينافي كمالَه، ينافي أصلَه إذا زاد وكثُر واستمرّ، أو ينافي كمالَه إذا كان شيئًا عارضًا، أو شيئًا خفيفًا، أو خاطرًا في النّفس فقط ولا يتكلّم به بلسانِه، أمّا إن تكلّم به بلسانِه فإنّه يكونُ منافيًا للتّوحيد" (١).

ويقول ابن القيم رحمه الله مبينًا حقيقة الظن المخرج عن ملة الإسلام: "ومن ظن أن له ولدًا، أو شريكًا، أو أن أحدًا يشفع عنده بدون إذنه، أو أن بينه وبين خلقه وسائط يرفعون حوائجهم إليه، أو أنه نصب لعباده أولياء من دونه يتقربون بهم إليه، ويتوسلون بهم إليه، ويجعلونهم وسائط بينهم وبينه، فيدعونهم، ويحبونهم كحبه، ويخافونهم، ويرجونهم فقد ظن به أقبح الظن وأسوأه" (٢).

ويقول رحمه الله أيضًا مبينًا أنواعًا مختلفة من سوء الظن بالله تعالى، وعموم البلوى بذلك: "فأكثر الخلق بل كلهم إلا من شاء الله يظنون بالله غير الحق ظن السوء، فإن غالب بني آدم يعتقد أنه مبخوس الحق، ناقص الحظ، وأنه يستحق فوق ما أعطاه الله، ولسان حاله يقول: ظلمني ربي، ومنعني ما أستحقه، ونفسه تشهد عليه بذلك، وهو بلسانه ينكره، ولا يتجاسر على التصريح به، ومن فتش نفسه وتغلغل في معرفة دفائنها وطواياها رأى ذلك فيها كامنًا كمون النار في الزناد، فاقدح زناد من شئت ينبئك شراره عما في زناده، ولو فتشت من فتشته لرأيت عنده تَعَتُّبًا على القدر، وملامة له، واقتراحًا عليه خلاف ما جرى به، وأنه كان


(١) إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (٢/ ٢٤٧).
(٢) زاد المعاد، لابن القيم (٣/ ٢٣٣).