للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينبغي أن يكون كذا وكذا، فمستقل ومستكثر، وفتش نفسك هل أنت سالم في ذلك:

فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة ... وإلا فإني لا إخالك ناجيًا

فليعتن اللبيب الناصح لنفسه بهذا الموضع، وليتب إلى الله تعالى، وليستغفره كل وقت من ظنه بربه ظن السوء، وليظن السوء بنفسه التي هي مأوى كل سوء، ومنبع كل شر، المركبة على الجهل والظلم، فهي أولى بظن السوء (١) من أحكم الحاكمين، وأعدل العادلين، وأرحم الراحمين، الغني الحميد، الذي له الغنى التام، والحمد التام، والحكمة التامة، المنزَّه عن كل سوء في ذاته وصفاته وأفعاله وأسمائه، فذاته لها الكمال المطلق من كل وجه، وصفاته كذلك، وأفعاله كذلك كلها حكمة ومصلحة ورحمة وعدل، وأسماؤه كلها حسنى" (٢).

ويقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب مختصرًا وملخصًا لما سبق من كلام الإمام ابن القيم، ومبينًا درجات سوء الظن بالله تبارك وتعالى: "فمن ظن به خلاف ما وصف به نفسه، أو وصفه به رسله، أو عطّل ما وصف به نفسه فقد ظن به ظن السوء؛ كمن ظن أن له ولدًا، أو شريكًا، أو شفيعًا بدون إذنه، أو أن بينه وبين خلقه وسائط يرفعون حوائجهم إليه، أو أن ما عنده ينال بالمعصية كما ينال بالطاعة، أو ظن أنه إذا ترك لأجله شيئًا لم يعوضه خيرًا منه، أو ظن أنه يعاقب بمحض المشيئة بغير سبب من العبد، أو ظن أنه إذا صدقه في الرغبة والرهبة أنه يخيبه، أو ظن أنه يسلط على رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- أعداءه تسليطًا مستقرًا في حياته ومماته" (٣).


(١) التعبير بأولى هنا ليست على أفعل التفضيل وإلا لكان المعنى سيئًا؛ إذ فيه إساءة الظن بالرب تعالى، والله أعلم.
(٢) زاد المعاد (٣/ ٢٣٥ - ٢٣٦).
(٣) مختصر زاد المعاد (ص ٢٤١).