للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول الشيخ السندي رحمه الله: " (يسمونها بغير اسمها): قاله في محل

الذم، فيدل على أن التسمية والحيلة لا تجعلان الحرام حلالًا" (١).

ويقول الشيخ عبد الله أبا بطين رحمه الله: "التسمية لا حكم لها، ولا تتغير حقيقة الشيء بتغير الاسم كما جاء عنه - صلى الله عليه وسلم -: " أنه يأتي ناس من أمتي يسمون الخمر بغير اسمها"، وكذا من سمى الزنا نكاحًا، فالتسمية لا تزيل الاسم ولا الحكم؛ ومن عامل معاملة ربوية فهو مرابي وإن لم يسمه ربًا، فكذا من ارتكب شيئًا من الأمور الشركية فهو مشرك وإن سمى ذلك توسلًا وتشفعًا ونحوه" (٢).

ولا شك أن إبليس قد سبق اليهود عليهم لعائن الله على هذا المنهج المنحرف، إذ هو قائدهم الأول، وإمامهم الأعظم في التلبيس والتدليس والكذب على الله تبارك وتعالى.

يقول الإمام الصنعاني: "وأول من سمى ما فيه غضب الله وعصيانه بالأسماء المحبوبة عند السامعين إبليس لعنه الله، فإنه قال لأبي البشر آدم عليه السلام: {يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى} [طه: ١٢٠]، فسمى الشجرة التي نهى الله تعالى آدم عن قربانها - غرورًا وتدليسًا - بالاسم الذي اخترعه لها، كما يسمي إخوانه المقلدون له الحشيشة بلقمة الراحة، وكما يسمي الظلمة ما يقبضونه من أموال عباد الله ظلمًا وعدوانًا: أدبًا، فيقولون: أدب القتل، أدب السرقة، أدب التهمة، بتحريف اسم الظلم إلى اسم الأدب، كما يحرفونه في بعض المقبوضات إلى سم (النفاعة)، وفي بعضها إلى اسم (السياقة)، وفي بعضها أدب المكاييل والموازين.


= السلسلة الصحيحة (١/ ١٣٤)، رقم (٨٩)].
(١) حاشية السندي (٨/ ٣١٣٩).
(٢) تأسيس التقديس في كشف تلبيس داود بن جرجيس (ص ٩٤).