للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكل ذلك اسمه عند الله ظلم وعدوان، كما يعرفه من شم رائحة الكتاب والسُّنَّة، وكل ذلك مأخوذ عن إبليس حيث سمى الشجرة المنهي عنها شجرة الخلد" (١).

ثانيًا: إنكاره سبحانه وتعالى على المشركين تسمية أصنامهم وأوثانهم بأنهم آلهة، وأنها مجرد أسماء لا حقيقة لها، ولا نصيب لها من خصائص الإلهية شيء البتة، وهذا الإنكار من الله تعالى عليهم يدل على أن العبرة بحقائق الأشياء وما هي عليه من الصفات الثابتة، أما مجرد إطلاق الأسماء والألفاظ على ما هو عار وخواء من الحقائق والمعاني التي دلت عليها الألفاظ فلا اعتبار له، كما أن هذا التغيير في الألفاظ والأسماء لا أثر له في تغيير الحقائق البتة.

وعليه فهذه الأصنام والأوثان حقيقتها أنها حجارة، وهؤلاء المعبودون غايتهم أنهم بشر لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًّا، بل وأموات قد استحالوا ترابًا ورفاتًا، فمهما بالغوا في تعظيمهم، وإلباسهم لباس العزة، وتسميتهم بأسماء العظمة، ووصفهم بأخص خصائص الإلهية، لم تكن سوى أسماء جوفاء، وألفاظ عارية فقيرة، متناقضة غاية التناقض مع حقيقة الحال.

يقول الإمام ابن تيمية: "ومن هذا الباب تسمية المعبودين آلهة، سموها بما لا تستحقه، كما يسمى الجاهل عالمًا، والعاجز قادرًا، وِالكذاب نبيًّا فلهذا قال تعالى: {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} [النجم: ٢٣] " (٢).

وقال أيضًا: "أخبر سبحانه أن الأسماء التي سماها المشركون أسماء ابتدعوها، لا حقيقة لها، فهم إنما يعبدودن أسماء لا مسميات لها؛


(١) تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد (ص ١٠٨)، بتعليق الشيخ: علي آل سنان.
(٢) النبوات (ص ٢٠٠).