للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي مَوْضِعَيْنِ مِنَ الْقُرْآنِ فِي حَالِ الْآخِرَةِ.

السُّرُورُ وَالْمَسَرَّةُ: مَصْدَرُ سَرَّهُ سُرُورًا وَمَسَرَّةً. وَكَأَنَّ مَعْنَى سَرَّهُ: أَثَّرَ فِي أَسَارِيرِ وَجْهِهِ. فَإِنَّهُ تَبْرُقُ مِنْهُ أَسَارِيرُ الْوَجْهِ. كَمَا قَالَ شَاعِرُ الْعَرَبِ:

وَإِذَا نَظَرْتَ إِلَى أَسِرَّةِ وَجْهِهِ ... بَرَقَتْ كَبَرْقِ الْعَارِضِ الْمُتَهَلِّلِ

وَهَذَا كَمَا يُقَالُ: رَأَسَهُ; إِذَا أَصَابَ رَأْسَهُ، وَبَطَنَهُ وَظَهَرَهُ; إِذَا أَصَابَ بَطْنَهُ وَظَهْرَهُ، وَأَمَّهُ; إِذَا أَصَابَ أُمَّ رَأْسِهِ.

وَأَمَّا الِاسْتِبْشَارُ: فَهُوَ اسْتِفْعَالٌ مِنَ الْبُشْرَى. وَالْبِشَارَةُ: هِيَ أَوَّلُ خَبَرٍ صَادِقٍ سَارٍّ.

وَ " الْبُشْرَى " يُرَادُ بِهَا أَمْرَانِ. أَحَدُهُمَا: بِشَارَةُ الْمُخْبِرِ. وَالثَّانِي: سُرُورُ الْمُخْبَرِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [يونس: ٦٤] . فُسِّرَتِ الْبُشْرَى بِهَذَا وَهَذَا. فَفِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ. وَأَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ، أَوْ تُرَى لَهُ» .

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بُشْرَى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا: هِيَ عِنْدَ الْمَوْتِ تَأْتِيهِمْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ بِالْبُشْرَى مِنَ اللَّهِ، وَفِي الْآخِرَةِ: عِنْدَ خُرُوجِ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ إِذَا خَرَجَتْ يَعْرُجُونَ بِهَا إِلَى اللَّهِ، تُزَفُّ كَمَا تُزَفُّ الْعَرُوسُ، تُبَشَّرُ بِرِضْوَانِ اللَّهِ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: هِيَ الْجَنَّةُ. وَاخْتَارَهُ الزَّجَّاجُ وَالْفَرَّاءُ. وَفُسِّرَتْ بُشْرَى الدُّنْيَا بِالثَّنَاءِ الْحَسَنِ، يَجْرِي لَهُ عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ. وَكُلُّ ذَلِكَ صَحِيحٌ.

فَالثَّنَاءُ: مِنَ الْبُشْرَى، وَالرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ الْبُشْرَى، وَتَبْشِيرُ الْمَلَائِكَةِ لَهُ عِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>