صَاحِبَهُ طَالِبٌ لِلْأُنْسِ بِاللَّهِ وَالْقُرْبِ مِنْهُ. فَهُوَ أَزْهَدُ شَيْءٍ فِي الْخَلْقِ، إِلَّا مَنْ أَعَانَهُ عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ مِنْهُمْ وَأَوْصَلَهُ إِلَيْهِ. فَهُوَ أَحَبُّ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيْهِ. وَلَا يَأْنَسُ مِنَ الْخَلْقِ بِغَيْرِهِ. وَلَا يَسْكُنُ إِلَى سِوَاهُ. فَعَلَيْكَ بِطَلَبِ هَذَا الرَّفِيقِ جُهْدَكَ. فَإِنْ لَمْ تَظْفَرْ بِهِ فَاتَّخِذِ اللَّهَ صَاحِبًا. وَدَعِ النَّاسَ كُلَّهُمْ جَانِبًا.
مُتْ بِدَاءِ الْهَوَى، وَإِلَّا فَخَاطِرْ ... وَاطْرُقِ الْحَيَّ وَالْعُيُونَ نَوَاظِرْ
لَا تَخَفْ وَحْشَةَ الطَّرِيقِ إِذَا جِئْ ... تَ وَكُنْ فِي خِفَارَةِ الْحُبِّ سَائِرْ
وَاصْبِرِ النَّفْسَ سَاعَةً عَنْ سِوَاهُمْ فَإِذَا لَمْ تُجَبْ لِصَبْرٍ فَصَابِرْ ... وَصُمِ الْيَوْمَ وَاجْعَلِ الْفِطْرَ يَوْمًا
فِيهِ تَلْقَى الْحَبِيبَ بِالْبِشْرِ شَاكِرْ ... وَافْطُمِ النَّفْسَ عَنْ سِوَاهُ فَكُلُّ الْ
عَيْشِ بَعْدَ الْفِطَامِ نَحْوَكَ صَائِرْ ... وَتَأَمَّلْ سَرِيرَةَ الْقَلْبِ وَاسْتَحِ
يِ مِنَ اللَّهِ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرْ ... وَاجْعَلِ الْهَمَّ وَاحِدًا يَكْفِكَ اللَّهُ
هُمُومًا شَتَّى فَرَبُّكَ قَادِرْ ... وَانْتَظِرْ يَوْمَ دَعْوَةِ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ
رَبِّهِمْ مِنْ بُطُونِ الْمَقَابِرْ ... وَاسْتَمِعْ مَا الَّذِي بِهِ أَنْتَ تُدْعَى
بِهِ مِنْ صِفَاتٍ تَلُوحُ وَسْطَ الْمَحَاضِرْ ... وَسِمَاتٍ تَبْدُو عَلَى أَوْجُهِ الْخَلْ
قِ عَيَانًا تُجَلَّى عَلَى كُلِّ نَاظِرْ ... يَا أَخَا اللُّبِّ، إِنَّمَا السَّيْرُ عَزْمٌ
ثُمَّ صَبْرٌ مُؤَيَّدٌ بِالْبَصَائِرْ ... يَا لَهَا مِنْ ثَلَاثَةٍ مَنْ يَنَلْهَا
يَرْقَ يَوْمَ الْمَزِيدِ فَوْقَ الْمَنَابِرْ ... فَاجْتَهِدْ فِي الَّذِي يُقَالُ لَكَ الْ
بُشْرَى بِذَا، يَوْمَ ضَرْبِ الْبَشَائِرْ ... عَمَلٌ خَالِصٌ بِمِيزَانِ وَحْيٍ
مَعَ سِرٍّ هُنَاكَ فِي الْقَلْبِ حَاضِرْ
[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الرَّغْبَةِ]
[الْفَرْقُ بَيْنَ الرَّغْبَةِ وَالرَّجَاءِ]
فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الرَّغْبَةِ
وَمِنْ مَنَازِلِ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: ٥] مَنْزِلَةُ الرَّغْبَةِ.
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} [الأنبياء: ٩٠] . وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّغْبَةِ وَالرَّجَاءِ أَنَّ الرَّجَاءَ طَمَعٌ. وَالرَّغْبَةُ طَلَبٌ. فَهِيَ ثَمَرَةُ الرَّجَاءِ. فَإِنَّهُ إِذَا رَجَا الشَّيْءَ طَلَبَهُ. وَالرَّغْبَةُ مِنَ الرَّجَاءِ كَالْهَرَبِ مِنَ الْخَوْفِ. فَمَنْ رَجَا شَيْئًا طَلَبَهُ وَرَغِبَ فِيهِ. وَمَنْ خَافَ شَيْئًا هَرَبَ مِنْهُ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الرَّاجِيَ طَالِبٌ، وَالْخَائِفَ هَارِبٌ.
قَالَ صَاحِبُ " الْمَنَازِلِ ":