للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذَا زَهَّدَتْنِي فِي الْهَوَى خَشْيَةُ الرَّدَى ... جَلَتْ لِي عَنْ وَجْهٍ يُزَهِّدُ فِي الزُّهْدِ

[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْوَرَعِ]

[حَقِيقَةُ الْوَرَعِ]

فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْوَرَعِ

وَمِنْ مَنَازِلِ " {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: ٥] " مَنْزِلَةُ الْوَرَعِ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: ٥١] وَقَالَ تَعَالَى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: ٤] قَالَ قَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ: نَفْسَكَ فَطَهِّرْ مِنَ الذَّنْبِ. فَكَنَّى عَنِ النَّفْسِ بِالثَّوْبِ. وَهَذَا قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ، النَّخَعِيِّ وَالضَّحَّاكِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَالْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا تَلْبَسْهَا عَلَى مَعْصِيَةٍ وَلَا غَدْرٍ. ثُمَّ قَالَ: أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ غَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ الثَّقَفِيِّ:

وَإِنِّي - بِحَمْدِ اللَّهِ - لَا ثَوْبَ غَادِرٍ لَبِسْتُ وَلَا مِنْ غَدْرَةٍ أَتَقَنَّعُ وَالْعَرَبُ تَقُولُ فِي وَصْفِ الرَّجُلِ بِالصِّدْقِ وَالْوَفَاءِ: طَاهِرُ الثِّيَابِ. وَتَقُولُ لِلْغَادِرِ وَالْفَاجِرِ: دَنِسُ الثِّيَابِ. وَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: لَا تَلْبَسْهَا عَلَى الْغَدْرِ، وَالظُّلْمِ وَالْإِثْمِ. وَلَكِنِ الْبِسْهَا وَأَنْتَ بَرٌّ طَاهِرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>