للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَأْدُبَةُ. وَهِيَ الطَّعَامُ الَّذِي يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ النَّاسُ.

وَعِلْمُ الْأَدَبِ: هُوَ عِلْمُ إِصْلَاحِ اللِّسَانِ وَالْخِطَابِ، وَإِصَابَةِ مَوَاقِعِهِ، وَتَحْسِينِ أَلْفَاظِهِ، وَصِيَانَتِهِ عَنِ الْخَطَأِ وَالْخَلَلِ. وَهُوَ شُعْبَةٌ مِنَ الْأَدَبِ الْعَامِّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ أَنْوَاعُ الْأَدَبِ]

فَصْلٌ

وَالْأَدَبُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: أَدَبٌ مَعَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ. وَأَدَبٌ مَعَ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَرْعِهِ. وَأَدَبٌ مَعَ خُلُقِهِ.

فَالْأَدَبُ مَعَ اللَّهِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ:

أَحَدُهَا: صِيَانَةُ مُعَامَلَتِهِ أَنْ يَشُوبَهَا بِنَقِيصَةٍ.

الثَّانِي: صِيَانَةُ قَلْبِهِ أَنْ يَلْتَفِتَ إِلَى غَيْرِهِ.

الثَّالِثُ: صِيَانَةُ إِرَادَتِهِ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِمَا يَمْقُتُكَ عَلَيْهِ.

قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ: الْعَبْدُ يَصِلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَيَصِلُ بِأَدَبِهِ فِي طَاعَتِهِ إِلَى اللَّهِ.

وَقَالَ: رَأَيْتُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَمُدَّ يَدَهُ فِي الصَّلَاةِ إِلَى أَنْفِهِ فَقَبَضَ عَلَى يَدِهِ.

وَقَالَ ابْنُ عَطَاءٍ: الْأَدَبُ الْوُقُوفُ مَعَ الْمُسْتَحْسَنَاتِ. فَقِيلَ لَهُ: وَمَا مَعْنَاهُ؟ فَقَالَ: أَنْ تُعَامِلَهُ سُبْحَانَهُ بِالْأَدَبِ سِرًّا وَعَلَنًا. ثُمَّ أَنْشَدَ:

إِذَا نَطَقَتْ جَاءَتْ بِكُلِّ مَلَاحَةٍ ... وَإِنْ سَكَتَتْ جَاءَتْ بِكُلِّ مَلِيحٍ

وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: مَنْ صَاحَبَ الْمُلُوكَ بِغَيْرِ أَدَبٍ أَسْلَمَهُ الْجَهْلُ إِلَى الْقَتْلِ.

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ: إِذَا تَرَكَ الْعَارِفُ أَدَبَهُ مَعَ مَعْرُوفِهِ، فَقَدْ هَلَكَ مَعَ الْهَالِكِينَ.

وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: تَرْكُ الْأَدَبِ يُوجِبُ الطَّرْدَ. فَمَنْ أَسَاءَ الْأَدَبَ عَلَى الْبِسَاطِ رُدَّ إِلَى الْبَابِ. وَمَنْ أَسَاءَ الْأَدَبَ عَلَى الْبَابِ رُدَّ إِلَى سِيَاسَةِ الدَّوَابِّ.

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ: مَنْ تَأَدَّبَ بِأَدَبِ اللَّهِ صَارَ مَنْ أَهْلِ مَحَبَّةِ اللَّهِ.

وَقَالَ ابْنُ مُبَارَكٍ: نَحْنُ إِلَى قَلِيلٍ مِنَ الْأَدَبِ أَحْوَجُ مِنَّا إِلَى كَثِيرٍ مِنَ الْعِلْمِ.

وَسُئِلَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ أَنْفَعَ الْأَدَبِ؟ فَقَالَ: التَّفَقُّهُ فِي الدِّينِ. وَالزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا، وَالْمَعْرِفَةُ بِمَا لِلَّهِ عَلَيْكَ.

وَقَالَ سَهْلٌ: الْقَوْمُ اسْتَعَانُوا بِاللَّهِ عَلَى مُرَادِ اللَّهِ. وَصَبَرُوا لِلَّهِ عَلَى آدَابِ اللَّهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>