وَشَهَوَاتِهَا، وَرَعُونَاتِهَا وَبَطَالَاتِهَا. وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ إِلَّا بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا. وَهِيَ: صُحْبَةُ الْعِلْمِ وَمُعَانَقَتُهُ. فَإِنَّهُ النُّورُ الَّذِي يُعَرِّفُ الْعَبْدَ مَوَاقِعَ مَا يَنْبَغِي إِيثَارُ طَلَبِهِ. وَمَا يَنْبَغِي إِيثَارُ تَرْكِهِ. فَمَنْ لَمْ يَصْحَبْهُ الْعِلْمُ: لَمْ تَصِحَّ لَهُ إِرَادَةٌ بِاتِّفَاقِ كَلِمَةِ الصَّادِقِينَ. وَلَا عِبْرَةٌ بِقُطَّاعِ الطَّرِيقِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَتَى رَأَيْتُ الصُّوفِيَّ الْفَقِيرَ يَقْدَحُ فِي الْعِلْمِ. فَاتَّهِمْهُ عَلَى الْإِسْلَامِ.
وَمِنْهَا: التَّعَلُّقُ بِأَنْفَاسِ السَّالِكِينَ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَعَلَّقَ بِأَنْفَاسِ قَوْمٍ انْخَرَطَ فِي مَسْلَكِهِمْ. وَدَخَلَ فِي جَمَاعَتِهِمْ.
وَقَالَ أَنْفَاسُ السَّالِكِينَ وَلَمْ يَقُلْ: أَنْفَاسُ الْعَابِدِينَ. فَإِنَّ الْعَابِدِينَ مِنْ شَأْنِهِمُ الْقِيَامُ بِالْأَعْمَالِ. وَشَأْنُ السَّالِكِينَ مُرَاعَاةُ الْأَحْوَالِ.
وَقَوْلُهُ: مَعَ صِدْقِ الْقَصْدِ.
يَكُونُ بِأَمْرَيْنِ. أَحَدُهُمَا: تَوْحِيدُهُ. وَالثَّانِي: تَوْحِيدُ الْمَقْصُودِ. فَلَا يَقَعُ فِي قَصْدِكَ قِسْمَةٌ. وَلَا فِي مَقْصُودِكَ.
وَقَوْلُهُ: وَخَلْعُ كُلِّ شَاغِلٍ مِنَ الْإِخْوَانِ، وَمُشَتِّتٍ مِنَ الْأَوْطَانِ.
يُشِيرُ إِلَى تَرْكِ الْمَوَانِعِ، وَالْقَوَاطِعِ الْعَائِقَةِ عَنِ السُّلُوكِ: مِنْ صُحْبَةِ الْأَغْيَارِ، وَالتَّعَلُّقِ بِالْأَوْطَانِ، الَّتِي أَلِفَ فِيهَا الْبَطَالَةَ وَالنَّذَالَةَ. فَلَيْسَ عَلَى الْمُرِيدِ الصَّادِقِ أَضَرَّ مِنْ عُشَرَائِهِ وَوَطَنِهِ، الْقَاطِعِينَ لَهُ عَنْ سَيْرِهِ إِلَى
[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ تُقْطَعُ بِصُحْبَةِ الْحَالِ]
فَصْلٌ
قَالَ: الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ تُقْطَعُ بِصُحْبَةِ الْحَالِ، وَتَرْوِيحِ الْأُنْسِ، وَالسَّيْرِ بَيْنَ الْقَبْضِ وَالْبَسْطِ.
أَيْ يَنْقَطِعُ إِلَى صُحْبَةِ الْحَالِ. وَهُوَ الْوَارِدُ الَّذِي يَرِدُ عَلَى الْقَلْبِ مِنْ تَأْثِيرِهِ بِالْمُعَامَلَةِ، السَّالِبُ لِوَصْفِ الْكَسَلِ وَالْفُتُورِ، الْجَالِبُ لَهُ إِلَى مُرَافَقَةِ الرَّفِيقِ الْأَعْلَى، الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. فَيَنْتَقِلُ مِنْ مَقَامِ الْعِلْمِ إِلَى مَقَامِ الْكَشْفِ، وَمِنْ مَقَامِ رُسُومِ الْأَعْمَالِ إِلَى