للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّهُمْ أَنْكَرُوا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَهَّلَهُمْ لِلْهُدَى وَالْحَقِّ، وَحَرَمَهُ رُؤَسَاءَ الْكُفَّارِ وَأَهْلَ الْعِزَّةِ وَالثَّرْوَةِ مِنْهُمْ، كَأَنَّهُمُ اسْتَدَلُّوا بِعَطَاءِ الدُّنْيَا عَلَى عَطَاءِ الْآخِرَةِ. فَأَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: أَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُؤَهِّلُهُ لِذَلِكَ لِسِرٍّ عِنْدَهُ: مِنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِ النِّعْمَةِ، وَرُؤْيَتِهَا مِنْ مُجَرَّدِ فَضْلِ الْمُنْعِمِ، وَمَحَبَّتِهِ وَشُكْرِهِ عَلَيْهَا. وَلَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ عِنْدَهُ هَذَا السِّرُّ. فَلَا يُؤَهَّلُ كُلُّ أَحَدٍ لِهَذَا الْعَطَاءِ.

قَوْلُهُ: أَصْحَابُ السِّرِّ: هُمُ الْأَخْفِيَاءُ الَّذِينَ وَرَدَ فِيهِمُ الْخَبَرُ

قَدْ يُرِيدُ بِهِ: حَدِيثَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. حَيْثُ قَالَ لَهُ ابْنُهُ: أَنْتَ هَاهُنَا وَالنَّاسُ يَتَنَازَعُونَ فِي الْإِمَارَةِ؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ» .

وَقَدْ يُرِيدُ بِهِ: قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُبَّ أَشْعَثَ أَغْبَرَ مَدْفُوعٍ بِالْأَبْوَابِ لَا يُؤْبَهُ لَهُ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ» ، وَقَوْلَهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ وَقَدْ «مَرَّ بِهِ رَجُلٌ: فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا؟ فَقَالُوا: هَذَا حَرِيٌّ، إِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ، وَإِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ يُسْمَعَ لِقَوْلِهِ. ثُمَّ مَرَّ بِهِ آخَرُ فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا؟ فَقَالُوا: هَذَا حَرِيٌّ إِنْ شَفَعَ أَلَّا يُشَفَّعَ، وَإِنْ خَطَبَ: أَنْ لَا يُنْكَحَ، وَإِنْ قَالَ: أَلَّا يُسْمَعَ لِقَوْلِهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الْأَرْضِ مِنْ مِثْلِ هَذَا» .

[فَصْلٌ أَصْحَابُ السِّرِّ ثَلَاثُ طَبَقَاتٍ]

[الْأُولَى طَائِفَةٌ عَلَتْ هِمَمُهُمْ وَصَفَتْ قُصُودُهُمْ]

فَصْلٌ

قَالَ: وَهُمْ عَلَى ثَلَاثِ طَبَقَاتٍ الطَّبَقَةُ الْأُولَى: طَائِفَةٌ عَلَتْ هِمَمُهُمْ، وَصَفَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>