وَقُلْ لِلَّذِي قَدْ غَابَ يَكْفِي عُقُوبَةُ
مَغِيبِكَ عَنْ ذَا الشَّأْنِ لَوْ كُنْتَ وَاعِيَا ... وَوَاللَّهِ لَوْ أَضْحَى نَصِيبُكَ وَافِرًا
رَحِمْتَ عَدُوًّا حَاسِدًا لَكَ قَالِيَا ... أَلَمْ تَرَ آثَارَ الْقَطِيعَةِ قَدْ بَدَتْ
عَلَى حَالِهِ فَارْحَمْهُ إِنْ كُنْتَ رَاثِيَا ... خَفَافِيشُ أَعْشَاهَا النَّهَارُ بِضَوْئِهِ
وَلَاءَمَهَا قِطْعٌ مِنَ اللَّيْلِ بَادِيَا ... فَجَالَتْ وَصَالَتْ فِيهِ حَتَّى إِذَا النَّ
هَارُ بَدَا اسْتَخْفَتْ وَأَعْطَتْ تَوَارِيَا ... فَيَا مِحْنَةَ الْحَسْنَاءِ تُهْدَى إِلَى امْرِئٍ
ضَرِيرٍ وَعِنِّينٍ مِنَ الْوَجْدِ خَالِيَا ... إِذَا ظُلْمَةُ اللَّيْلِ انْجَلَتْ بِضِيَائِهَا
يَعُودُ لِعَيْنَيْهِ ظَلَامًا كَمَا هِيَا ... فَضِنَّ بِهَا إِنْ كُنْتَ تَعْرِفُ قَدْرَهَا
إِلَى أَنْ تَرَى كُفْؤًا أَتَاكَ مُوَافِيَا ... فَمَا مَهْرُهَا شَيْءٌ سِوَى الرُّوحِ أَيُّهَا الْ
جَبَانُ تَأَخَّرْ لَسْتَ كُفْؤًا مُسَاوِيَا ... فَكُنْ أَبَدًا حَيْثُ اسْتَقَلَّتْ رَكَائِبُ الْ
مَحَبَّةِ فِي ظَهْرِ الْعَزَائِمِ سَارِيَا ... وَأَدْلِجْ وَلَا تَخْشَ الظَّلَامَ فَإِنَّهُ
سَيَكْفِيكَ وَجْهُ الْحُبِّ فِي اللَّيْلِ هَادِيَا ... وَسُقْهَا بِذِكْرَاهُ مَطَايَاكَ إِنَّهُ
سَيَكْفِي الْمَطَايَا طِيبُ ذِكْرَاهُ حَادِيَا ... وَعِدْهَا بِرُوحِ الْوَصْلِ تُعْطِيكَ سَيْرَهَا
فَمَا شِئْتَ وَاسْتَبْقِ الْعِظَامَ الْبَوَالِيَا ... وَأَقْدِمْ فَإِمَّا مُنْيَةٌ أَوْ مَنِيَّةٌ
تُرِيحُكَ مِنْ عَيْشٍ بِهِ لَسْتَ رَاضِيَا ... فَمَا ثَمَّ إِلَّا الْوَصْلُ أَوْ كَلَفٌ بِهِمْ
وَحَسْبُكَ فَوْزًا ذَاكَ إِنْ كُنْتَ وَاعِيَا ... أَمَا سَئِمَتْ مِنْ عَيْشِهَا نَفْسُ وَالِهٍ
تَبِيتُ بِنَارِ الْبُعْدِ تَلْقَى الْمَكَاوِيَا ... أَمَا مَوْتُهُ فِيهِمْ حَيَاةٌ؟ وَذُلُّهُ
هُوَ الْعِزُّ وَالتَّوْفِيقُ مَا زَالَ غَالِيَا ... أَمَا يَسْتَحِي مَنْ يَدَّعِي الْحُبَّ بَاخِلًا
بِمَا لِحَبِيبٍ عَنْهُ يَدْعُوهُ ذَا لِيَا ... أَمَا تِلْكَ دَعْوَى كَاذِبٍ لَيْسَ حَظُّهُ
مِنَ الْحُبِّ إِلَّا قَوْلَهُ وَالْأَمَانِيَا ... أَمَّا أَنْفُسُ الْعُشَّاقِ مِلْكٌ لِغَيْرِهِمْ
بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْحُبِّ مَا زَالَ فَاشِيَا ... أَمَا سَمِعَ الْعُشَّاقُ قَوْلَ حَبِيبَةٍ
لِصَبٍّ بِهَا وَافَى مِنَ الْحُبِّ شَاكِيَا ... وَلَمَّا شَكَوْتُ الْحُبَّ قَالَتْ. كَذَبْتَنِي
فَمَا لِي أَرَى الْأَعْضَاءَ مِنْكَ كَوَاسِيَا ... فَلَا حُبَّ حَتَّى يَلْصَقَ الْقَلْبُ بِالْحَشَا
وَتَخْرَسَ حَتَّى لَا تُجِيبَ الْمُنَادِيَا ... وَتَنْحَلُّ حَتَّى لَا يُبْقِي لَكَ الْهَوَى
سِوَى مُقْلَةٍ تَبْكِي بِهَا وَتُنَاجِيَا
[فَصْلٌ الْمَحَبَّةُ تَعَلُّقُ الْقَلْبِ بَيْنَ الْهِمَّةِ وَالْأُنْسِ]
فَصْلٌ
قَالَ صَاحِبُ الْمَنَازِلِ رَحِمَهُ اللَّهُ:
الْمَحَبَّةُ: تَعَلُّقُ الْقَلْبِ بَيْنَ الْهِمَّةِ وَالْأُنْسِ.