للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّعْوَى، وَتَخْلِيصًا لِلْقَلْبِ مِنْ نَصِيبِ الشَّيْطَانِ. فَإِنَّ الدَّعْوَى مِنْ نَصِيبِ الشَّيْطَانِ. وَكَذَلِكَ الْقَلْبُ السَّاكِنُ إِلَى الدَّعْوَى مَأْوَى الشَّيْطَانِ. أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنَ الدَّعْوَى وَمِنَ الشَّيْطَانِ.

[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ رِعَايَةُ الْأَوْقَاتِ]

فَصْلٌ

قَالَ وَأَمَّا: رِعَايَةُ الْأَوْقَاتِ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مِنْ دَرَجَاتِ الرِّعَايَةِ فَأَنْ يَقِفَ مَعَ كُلِّ خُطْوَةٍ. ثُمَّ أَنْ يَغِيبَ عَنْ حُضُورِهِ بِالصَّفَاءِ مِنْ رَسْمِهِ. ثُمَّ أَنْ يَذْهَبَ عَنْ شُهُودِ صَفْوِ صَفْوِهِ.

أَيْ يَقِفَ مَعَ حَرَكَةِ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ بِمِقْدَارِ تَصْحِيحِهَا نِيَّةً وَقَصْدًا وَإِخْلَاصًا وَمُتَابَعَةً، فَلَا يَخْطُوَ هَجْمًا وَهَمَجًا، بَلْ يَقِفَ قَبْلَ الْخَطْوِ حَتَّى يُصَحِّحَ الْخُطْوَةَ، ثُمَّ يَنْقُلَ قَدَمَ عَزْمِهِ. فَإِذَا صَحَّتْ لَهُ وَنَقَلَ قَدَمَهُ انْفَصَلَ عَنْهَا. وَقَدْ صَحَّتِ الْغَيْبَةُ عَنْ شُهُودِهَا وَرُؤْيَتِهَا. فَيَغِيبُ عَنْ شُهُودِ تَقَدُّمِهِ بِنَفْسِهِ. فَإِنَّ رَسْمَهُ هُوَ نَفْسُهُ. فَإِذَا غَابَ عَنْ شُهُودِ نَفْسِهِ وَتَقَدُّمِهِ بِهَا فِي كُلِّ خُطْوَةٍ. فَذَلِكَ عَيْنُ الصَّفَاءِ مِنْ رَسْمِهِ الَّذِي هُوَ نَفْسُهُ. فَعِنْدَ ذَلِكَ يُشَاهِدُ فَضْلَ رَبِّهِ.

وَلَمَّا كَانَتِ النَّفْسُ مَحَلَّ الْأَكْدَارِ. سُمِّيَ انْفِصَالُهُ عَنْهَا صَفَاءً. وَهَذِهِ الْأُمُورُ تَسْتَدْعِي لُطْفَ إِدْرَاكٍ، وَاسْتِعْدَادًا مِنَ الْعَبْدِ. وَذَلِكَ عَيْنُ الْمِنَّةُ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا ذَهَابُهُ عَنْ شُهُودِ صَفْوِهِ أَيْ لَا يَسْتَحْضِرُهُ فِي قَلْبِهِ. وَيَشْهَدُ ذَلِكَ الصَّفْوَ الْمَطْلُوبَ. وَيَقِفُ عِنْدَهُ. فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ بَقَايَا النَّفْسِ وَأَحْكَامِهَا، وَهُوَ كَدَرٌ. فَإِذَا تَخَلَّصَ مِنَ الْكَدَرِ لَا يَنْبَغِي لَهُ الِالْتِفَاتُ وَالرُّجُوعُ إِلَيْهِ. فَيَصْفُوَ مِنَ الرَّسْمِ. وَيَغِيبَ عَنِ الصَّفْوِ بِمُشَاهَدَةِ الْمَطْلَبِ الْأَعْلَى. وَالْمَقْصِدِ الْأَسْنَى.

[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْمُرَاقَبَةِ]

[حَقِيقَةُ الْمُرَاقَبَةِ]

فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْمُرَاقَبَةِ

وَمِنْ مَنَازِلِ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: ٥] مَنْزِلَةُ الْمُرَاقَبَةُ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ} [البقرة: ٢٣٥] . وَقَالَ تَعَالَى:

<<  <  ج: ص:  >  >>