للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ وَفَتَاهُ، حَتَّى مَسَّهُمَا النَّصَبُ فِي سَفَرِهِمَا فِي طَلَبِ الْعِلْمِ. حَتَّى ظَفِرَ بِثَلَاثِ مَسَائِلَ. وَهُوَ مِنْ أَكْرَمِ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ وَأَعْلَمِهِمْ بِهِ.

وَأَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ أَنْ يَسْأَلَهُ الْمَزِيدَ مِنْهُ فَقَالَ: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: ١١٤] .

وَحَرَّمَ اللَّهُ صَيْدَ الْجَوَارِحِ الْجَاهِلَةِ، وَإِنَّمَا أَبَاحَ لِلْأُمَّةِ صَيْدَ الْجَوَارِحِ الْعَالِمَةِ.

فَهَكَذَا جَوَارِحُ الْإِنْسَانِ الْجَاهِلِ لَا يُجْدِي عَلَيْهِ صَيْدُهَا مِنَ الْأَعْمَالِ شَيْئًا. وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ تَعْرِيفُ الْعِلْمِ]

فَصْلٌ

قَالَ صَاحِبُ " الْمَنَازِلِ " رَحِمَهُ اللَّهُ.

الْعِلْمُ مَا قَامَ بِدَلِيلٍ. وَرَفَعَ الْجَهْلَ.

يُرِيدُ: أَنَّ لِلْعِلْمِ عَلَامَةً قَبْلَهُ، وَعَلَامَةً بَعْدَهُ، فَعَلَامَتُهُ قَبْلَهُ: مَا قَامَ بِهِ الدَّلِيلُ. وَعَلَامَتُهُ بَعْدَهُ: رَفْعُ الْجَهْلِ.

[دَرَجَاتُ الْعِلْمِ]

[الدَّرَجَةُ الْأُولَى عِلْمٌ جَلِيٌّ]

قَالَ: وَهُوَ عَلَى ثَلَاثٍ دَرَجَاتُ. الدَّرَجَةُ الْأُولَى: عِلْمٌ جَلِيٌّ. بِهِ يَقَعُ الْعِيَانُ. وَاسْتِفَاضَةٌ صَحِيحَةٌ، أَوْ صِحَّةُ تَجْرِبَةٍ قَدِيمَةٍ.

يُرِيدُ بِالْجَلِيِّ: الظَّاهِرَ، الَّذِي لَا خَفَاءَ بِهِ. وَجَعَلَهُ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ.

أَحَدُهَا: مَا وَقَعَ عَنْ عِيَانٍ. وَهُوَ الْبَصَرُ.

وَالثَّانِي: مَا اسْتَنَدَ إِلَى السَّمْعِ. وَهُوَ عِلْمُ الِاسْتِفَاضَةِ.

وَالثَّالِثُ: مَا اسْتَنَدَ إِلَى الْعَقْلِ. وَهُوَ عِلْمُ التَّجْرِبَةِ.

فَهَذِهِ الطُّرُقُ الثَّلَاثَةُ - وَهِيَ السَّمْعُ، وَالْبَصَرُ، وَالْعَقْلُ - هِيَ طُرُقُ الْعِلْمِ وَأَبْوَابُهُ وَلَا تَنْحَصِرُ طُرُقُ الْعِلْمِ فِيمَا ذَكَرَهُ. فَإِنَّ سَائِرَ الْحَوَاسِّ تُوجِبُ الْعِلْمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>